للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفَضَائِلِهَا وَخُصُوصِيَّاتِهَا قَالَ الْقَاضِي وَالدُّعَاءُ فِي هَذِهِ الْجِلْسَةِ مُسْتَجَابٌ انْتَهَتْ عِبَارَةُ الشَّرْحِ الْمَذْكُورِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذُكِرَ عَنْ الْقَاضِي أَنَّ السُّنَّةَ لِلْحَاضِرِينَ الِاشْتِغَالُ وَقْتَ هَذِهِ الْجِلْسَةِ بِالدُّعَاءِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ مُسْتَجَابٌ حِينَئِذٍ وَإِذَا اشْتَغَلُوا بِالدُّعَاءِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ سِرًّا لِمَا فِي الْجَهْرِ مِنْ التَّشْوِيشِ عَلَى بَعْضِهِمْ وَلِأَنَّ الْإِسْرَارَ هُوَ الْأَفْضَلُ فِي الدُّعَاءِ إلَّا لِعَارِضٍ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ عَمَّا إذَا صَلَّى الْجُمُعَةَ فَأَدْرَكَ مَنْ يُصَلِّي الظُّهْرَ مِنْ الْمَعْذُورِينَ أَوْ مَنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ فَهَلْ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مَعَهُمْ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: لَا تَجُوزُ الْإِعَادَةُ فِيمَا ذُكِرَ. كَمَا جَزَمْتُ بِهِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَعِبَارَتُهُ وَدَخَلَ فِي الْمَكْتُوبَةِ فَتُسَنُّ خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ إعَادَتُهَا عِنْدَ جَوَازِ التَّعَدُّدِ أَوْ سَفَرِهِ لِبَلَدٍ آخَرَ وَرَآهُمْ يُصَلُّونَهَا وَلَوْ صَلَّى مَعْذُورٌ الظُّهْرَ ثُمَّ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ أَوْ مَعْذُورِينَ يُصَلُّونَ الظُّهْرَ سُنَّتْ لَهُ الْإِعَادَةُ فِيهِمَا وَلَا يَجُوزُ إعَادَةُ الْجُمُعَةِ ظُهْرًا وَكَذَا عَكْسُهُ لِغَيْرِ الْمَعْذُورِ انْتَهَتْ وَوَجْهُ الْمَنْعِ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ أَنَّ الْإِعَادَةَ إنَّمَا نُدِبَتْ لِتَحْصِيلِ كَمَالٍ فِي فَرِيضَةِ الْوَقْتِ يَقِينًا إنْ صَلَّى الْأُولَى مُنْفَرِدًا أَوْ ظَنًّا أَوْ رَجَاءً إنْ صَلَّاهَا جَمَاعَةً وَلَوْ بِجَمَاعَةٍ أَكْمَلَ ظَاهِرًا وَمَنْ صَلَّى الْجُمُعَةَ كَانَتْ هِيَ فَرْضُ وَقْتِهِ فَإِعَادَتُهُ الظُّهْرَ لَا تَرْجِعُ بِكَمَالٍ عَلَى الْجُمُعَةِ الَّتِي هِيَ فَرْضُ وَقْتِهِ أَصْلًا فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي إعَادَةِ الظُّهْرِ كَمَالٌ يَرْجِعُ لِفَرْضِ الْوَقْتِ امْتَنَعَتْ إعَادَةُ الظُّهْرِ لِأَنَّهَا عَبَثٌ وَالْعِبَادَةُ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَحَلِّ وُرُودِهَا أَوْ مَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ عَنْ الْخَطِيبِ إذَا اقْتَصَرَ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ عَلَى الْأَرْكَانِ بِأَنْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ اتَّقُوا اللَّهَ وَقَرَأَ آيَةً وَفِي الثَّانِيَةِ أَتَى بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَيَرْحَمْكُمْ اللَّهُ هَلْ يُجْزِئُ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: إذَا اقْتَصَرَ عَلَى أَرْكَانِ الْخُطْبَتَيْنِ وَأَتَى بِشُرُوطِهِمَا أَجْزَأَهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ جَلِيٌّ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) أَدَامَ اللَّهُ النَّفْعَ بِعُلُومِهِ مَا الْحِكْمَةُ فِي سَنِّ غُسْلِ غَاسِلِ الْمَيِّتِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ حِكْمَةُ ذَلِكَ أَنَّ فِي مُمَاسَّةِ الْمَيِّتِ تَقْذِيرًا لِلْبَدَنِ فَطُلِبَ مِنْهُ إزَالَةُ ذَلِكَ الْقَذَرِ بِغَسْلِ جَمِيعِ بَدَنِهِ وَأَيْضًا فَذَلِكَ الْقَذَرُ مِمَّا يَجُرُّ لِلْبَدَنِ فُتُورًا فَطُلِبَ إنْعَاشُهُ بِالْمَاءِ كَمَا أَنَّ الْحَمَّامَ لَمَّا كَانَ يَجُرُّ فُتُورًا لِلْبَدَنِ فَطُلِبَ الْغُسْلُ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ لِيُحَصِّلَ ذَلِكَ الْإِنْعَاشَ وَيَزُولَ ذَلِكَ الْفُتُورُ فَتُقْبِلُ النَّفْسُ حِينَئِذٍ عَلَى عِبَادَتِهَا وَنَحْوِهَا بِأَعْظَمِ قَابِلِيَّةٍ وَأَتَمِّ تَوَجُّهٍ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إذَا رَقَى الْخَطِيبُ الْمِنْبَرَ هَلْ يَلْتَفِتُ لِاسْتِقْبَالِهِمْ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّهُ يَلْتَفِتُ يَمِينًا أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ جُلُوسُهُ وَكَذَا وُقُوفُهُ كَمَا يُفْهِمُهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ بِجَانِبِ الْمِنْبَرِ الْأَيْمَنِ إنْ وَسِعَ فَإِذَا آثَرَ الْجَانِبَ الْأَيْمَنَ بِالْجُلُوسِ أَوْ الْوُقُوفِ فَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُؤْثِرَ جِهَةَ الْيَمِينِ بِأَنْ يَجْعَلَ الِالْتِفَاتَ مِنْهَا عَلَيْهِمْ ثُمَّ رَأَيْتُ الْأَصْبَحِيَّ قَالَ فِي فَتَاوِيهِ إذَا رَقَى الْخَطِيبُ الْمِنْبَرَ هَلْ يَلْتَفِتُ عَلَى يَمِينِهِ إلَى جِهَةِ الْمَشْرِقِ أَمْ عَلَى شِمَالِهِ إلَى جِهَةِ الْمَغْرِبِ أَجَابَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَالِانْصِرَافِ مِنْ الصَّلَاةِ وَفِيهِ كَلَامٌ لِلْخُرَاسَانِيَّيْنِ اهـ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا ذَكَرْتُهُ لِأَنَّ الِانْصِرَافَ مِنْ الصَّلَاةِ. يَكُونُ إلَى الْيَمِينِ حَيْثُ لَا حَاجَةَ فِي جِهَةٍ أُخْرَى وَلَوْ قَاسَهُ بِالْتِفَاتِ الْإِمَامِ إلَى الْمَأْمُومِينَ بَعْدَ السَّلَامِ إلَى فَرَاغِ الدُّعَاءِ لَكَانَ أَقْرَبَ فِي الْقِيَاسِ وَهَذَا الِالْتِفَاتُ يَكُونُ إلَى الْيَمِينِ أَيْضًا فَيَتَأَيَّدُ بِهِ مَا ذَكَرْتُهُ أَيْضًا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ، وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ عَنْ رَفْعِ الْيَدَيْنِ بَعْدَ فَرَاغِ الْخُطْبَتَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ هَلْ هُوَ مُسْتَحَبٌّ أَوْ بِدْعَةٌ وَهَلْ الْأَوْلَى رَفْعُهُمَا فِي زَمَنِنَا هَذَا وَقَدْ اسْتَوْلَى عَلَيْنَا الْفِرِنْجُ الْمَلْعُونُونَ وَقَدْ مَنَعَ مِنْ رَفْعِهِمَا بَعْضُ فُقَهَاءِ بِلَادِنَا مُتَمَسِّكًا بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَفَعَهُمَا لِلِاسْتِسْقَاءِ لَا غَيْرُ؟

(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ بِقَوْلِهِ: رَفْعُ الْيَدَيْنِ سُنَّةٌ. فِي كُلِّ دُعَاءٍ خَارِجَ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَرْفَعْهُمَا إلَّا فِي دُعَاءِ الِاسْتِسْقَاءِ فَقَدْ سَهَا سَهْوًا بَيِّنًا وَغَلِطَ غَلَطًا فَاحِشًا.

وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ مَعَ شَرْحِي لَهُ (يُسَنُّ لِلدَّاعِي خَارِجَ الصَّلَاةِ رَفْعُ يَدَيْهِ الطَّاهِرَتَيْنِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ صَحِيحَةٍ فِي عِدَّةِ مَوَاطِنَ مِنْهَا الِاسْتِسْقَاءُ وَغَيْرُهُ كَمَا بَيَّنَهَا فِي الْمَجْمُوعِ.

وَقَالَ مَنْ ادَّعَى حَصْرَهَا فَهُوَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>