اخْتِلَافِ الْأَهْوَاءِ وَالْمَيْلِ عَنْ السُّنَّةِ.
الثَّالِثُ اتِّصَالُ سَنَدِهَا وَهُوَ مُتَّصِلٌ إلَى أُوَيْسٍ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَإِلَى الْحَسَنِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَهَذَا أَشْهَرُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَشْهَرُ طُرُقِهِ طَرِيقُ الشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ وَهُوَ يَرْوِيهِ عَنْ أَبِي السَّعَادَاتِ الْحَرَمِيِّ عَنْ أَبِي الْفَرَجِ الطَّرَسُوسِيِّ عَنْ أَبِي الْفَضْلِ التَّمِيمِيِّ وَهُوَ عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْفَقِيهُ الْحَنْبَلِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الشِّبْلِيِّ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الْجُنَيْدِ عَنْ خَالِهِ السَّرِيِّ السَّقَطِيِّ عَنْ مَعْرُوفٍ الْكَرْخِيِّ عَنْ دَاوُد الطَّائِيِّ عَنْ حَبِيبٍ الْعَجَمِيِّ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْ طَرِيقٍ آخَرَ إلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ. وَاعْلَمْ أَنَّ السَّنَدَ إلَى مَعْرُوفٍ مُتَّصِلٌ وَمِنْ بَعْدِهِ مُنْقَطِعٌ إذْ لَا يُعْرَفُ لَهُ صُحْبَةٌ لِدَاوُدَ الطَّائِيِّ وَلَا لِعَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا وَإِنَّمَا تُعْرَفُ صُحْبَتُهُ لِبَكْرِ بْنِ حُبَيْشٍ وَعَنْهُ يَرْوِي أَحَادِيثَ الزُّهْدِ وَمَا يَرْوِيهِ غَيْرُ أَهْلِ الْعِلْمِ الْخَطَأُ فِيهِ كَبِيرٌ وَإِنْ كَانُوا ذَوِي فِعْلٍ وَصَلَاحٍ وَمِنْ ثَمَّ نَفَرَ مَالِكٌ عَنْ الْأَخْذِ عَنْهُمْ وَصُحْبَةُ دَاوُد لِحَبِيبِ الْعَجَمِيِّ فِيهَا نَظَرٌ وَأَمَّا اجْتِمَاعُ الْحَسَنِ بِعَلِيٍّ فَبَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَذَا الشَّأْنِ وَمَا يُرْوَى أَنَّهُ سَأَلَهُ مَا صَلَاحُ الدِّينِ قَالَ الْوَرَعُ وَمَا فَسَادُهُ قَالَ الطَّمَعُ. كَذِبٌ مَوْضُوعٌ وَإِسْنَادُ أُوَيْسٍ أَكْثَرُ انْقِطَاعًا وَإِسْنَادُ جَابِرٍ أَشَدُّ انْقِطَاعًا مِنْ الْكُلِّ. لَكِنَّ هَؤُلَاءِ الْمَشَايِخِ الَّذِينَ رَوَوْهَا أَعْلَامٌ كُلُّهُمْ لَقِيَ أَشْيَاخًا غَيْرَ هَؤُلَاءِ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ عَلَى التَّوَاصِي عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاعْتَرَضَ بَعْضُ الْمَالِكَةِ مَا ذُكِرَ مِنْ الِانْقِطَاعِ بِأَنَّهُمْ حَفِظُوا وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ.
وَزِيَادَةُ الْعَدْلِ الصَّحِيحِ قَبُولُهَا وَبِأَنَّ نَفْيَ صُحْبَةِ مَعْرُوفٍ لِدَاوُدَ شَهَادَةُ نَفْيٍ فَالْمُثْبَتُ أَوْلَى وَبِأَنَّ نَفْيَ لَقِيِّ الْحَسَنِ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ لِإِمْكَانِ اجْتِمَاعِهِ بِهِ فَإِنَّهُ كَانَ بِالْكُوفَةِ وَالْحَسَنُ بِالْبَصْرَةِ وَبَعِيدٌ أَنْ يَسْمَعَ بِعَلِيٍّ قَرِيبًا مِنْهُ وَلَا يَجْتَمِعُ بِهِ. وَلَا يَجْتَمِعُ بِهِ وَمِثْلُ هَذَا الْإِمْكَانِ كَافٍ فِي الِاتِّصَالِ عِنْدَ غَيْرِ الْبُخَارِيِّ وَبِأَنَّ الْمُنْقَطِعَ بِتَقْدِيرِ تَسْلِيمِ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ مَعْمُولٌ بِهِ فِي الْفَضَائِلِ وَهَذَا مِثْلُهَا لِأَنَّ الْمَدَارَ فِيهِ عَلَى الزُّهْدِ وَالْفَضِيلَةِ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ اسْتِعْمَالِ الرَّجُلِ الْمُكْحُلَةَ الْمُغَشَّاةَ بِالْحَرِيرِ أَوْ الْمُطَرَّزَةَ بِالْقَصَبِ هَلْ يَحْرُمُ مُطْلَقًا أَوْ فِيهِ تَفْصِيلٌ؟
(فَأَجَابَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ بِقَوْلِهِ: الظَّاهِرُ فِي هَذَا تَفْصِيلٌ لَا بُدَّ مِنْهُ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَمْسَكَهَا وَاكْتَحَلَ مِنْهَا أَثِمَ لِأَنَّ هَذَا اسْتِعْمَالٌ لَهَا وَإِنْ أَخَذَ مِنْهَا بِالْمِرْوَدِ. مَنْ يَحِلُّ لَهُ اسْتِعْمَالُهَا كَامْرَأَةٍ وَأَعْطَتْهُ لَهُ لَمْ يَحْرُمْ وَإِنْ أَمَرَ بِعَمَلِهَا لَهُ بِخُصُوصِهِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ أَوْلَى بِالْحِلِّ مِنْ نَحْوِ كِيسِ الْمُصْحَفِ الَّذِي صَرَّحَ بِحِلِّهِ الْفُورَانِيُّ وَمِنْ كِيسِ الدَّرَاهِمِ أَوْ غِطَاءِ الْعِمَامَةِ وَالْكُوزِ الَّذِي بَحَثَ حِلَّهُ الْإِسْنَوِيُّ وَاعْتَرَضَهُ الزَّرْكَشِيُّ بِمَا رَدَدْته عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَإِنْ قُلْت ظَاهِرُ هَذَا وَتَجْوِيزُ الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ خَيْطُ الْمِسْبَحَةِ تَجْوِيزُ غِشَاءِ الْمُكْحُلَةِ وَاسْتِعْمَالِهَا مُطْلَقًا فَمَا الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلتَّفْصِيلِ السَّابِقِ فِيهَا دُونَ هَذِهِ النَّظَائِر؟
قُلْت الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْإِسْنَوِيُّ وَأَفْهَمَهُ كَلَامُهُمْ أَنَّ شَرْطَ اسْتِعْمَالِ الْحَرِيرِ. الْمُحَرَّمِ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِبَدَنِهِ فَخَرَجَ كِيسُ الْمُصْحَفِ وَالدَّرَاهِمِ وَغِطَاءُ الْعِمَامَةِ وَالْكُوزُ وَدَخَلَتْ الْمُكْحُلَةُ إذَا تَكَحَّلَ مِنْهَا بِنَفْسِهِ لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ الْحَرِيرَ الَّذِي عَلَيْهَا حِينَئِذٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَحَّلَهُ غَيْرُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَيْطِ السُّبْحَةِ وَلُقْيَةِ الدَّوَاةِ بِأَنَّهُمَا مَسْتُورَانِ فَلَا خُيَلَاءَ فِيهِمَا غَالِبَةٌ بِخِلَافِ الْمُكْحُلَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الزَّرْكَشِيّ فَرْقٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ غَيْرَ الْحَرِيرِ يَسْرُعُ تَقَطُّعُهُ مِنْ الْمِسْبَحَةِ وَالدَّوَاةِ بِخِلَافِ الْحَرِيرِ فَاحْتِيجَ إلَيْهِ كَالسِّجَافِ فَلَا زِينَةَ وَلَا خُيَلَاءَ بِخِلَافِ غِشَاءِ الْمُكْحُلَةِ فَإِنَّهُ لِمَحْضِ الزِّينَةِ وَالْخُيَلَاءِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فِيهِ. إلَى خُصُوصِ الْحَرِيرِ أَلْبَتَّةَ وَهُوَ فَرْقٌ ظَاهِرٌ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ.
(وَسُئِلَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِهِ - هَلْ رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَبِسَ عِمَامَةً صَفْرَاءَ» ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: أَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ «جَعْفَرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: رَأَيْت عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَوْبَيْنِ مَصْبُوغَيْنِ بِزَعْفَرَانٍ رِدَاءً وَعِمَامَةً» وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ «كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصْبُغُ ثِيَابَهُ بِالزَّعْفَرَانِ قَمِيصَهُ وَرِدَاءَهُ وَعِمَامَتَهُ» وَفِي رِوَايَةٍ «كَانَ يَصْبُغُ ثِيَابَهُ كُلَّهَا بِالزَّعْفَرَانِ حَتَّى الْعِمَامَةَ» وَرَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ أَصْفَرُ وَرِدَاءٌ أَصْفَرُ وَعِمَامَةٌ صَفْرَاءُ» وَالطَّبَرَانِيُّ «كَانَ أَحَبُّ الصِّبْغِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute