وَهُوَ حَاصِلٌ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ أَبْقَاهُ لِلنَّفَقَةِ أَمْ لَا وَفِي النَّقْدَيْنِ نُمُوُّهُمَا بِالْفِعْلِ وَالْقُوَّةِ وَهُوَ حَاصِلٌ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ وَمَا بَعْدَهُ فَلَمْ يَكُنْ لِلنِّيَّةِ دَخْلٌ فِي إسْقَاطِ الْوُجُوبِ لِأَنَّهَا لَا تُعَارِضُ سَبَبَهُ الْمَذْكُورَ وَتَأَمَّلْ مَا قَرَّرْتُهُ تَعْلَمْ أَنَّ التَّمْرَ وَالْحَبَّ إذَا مَضَى عَلَيْهِمَا أَحْوَالٌ وَلَمْ يَنْوِ بِادِّخَارِهِمَا تِجَارَةً بِشَرْطِهَا لَا تَجِبُ زَكَاتُهُمَا إلَّا فِي الْحَوْلِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا فِيمَا بَعْدَهُ فَلَا تَجِبُ فِيهِمَا زَكَاةٌ بِخِلَافِ النَّقْدَيْنِ فَإِنَّهُ تَجِبُ زَكَاتُهُمَا فِي كُلِّ حَوْلٍ مَضَى عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ أُعِدَّا لِلتِّجَارَةِ بِهِمَا أَمْ لِلنَّفَقَةِ لَمَّا عَلِمْت أَنَّهُمَا صَالِحَانِ لِلنَّمَاءِ فَهُمَا نَامِيَانِ بِالْقُوَّةِ أَوْ الْفِعْلِ فَلِذَلِكَ تَكَرَّرَتْ زَكَاتُهُمَا بِتَكَرُّرِ الْأَحْوَالِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِعُلُومِهِ - وَبَرَكَتِهِ عَنْ قَوْلِ الْأَئِمَّةِ إذَا اشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ بِعَرْضِ قِنْيَةٍ وَنَقْدٍ قُوِّمَ مَا قَابَلَ النَّقْدَ بِهِ وَقُوِّمَ مَا قَابَلَ الْعَرْضَ بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ اهـ وَلَمْ يَزِيدُوا عَلَى ذَلِكَ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَعْرِفَةَ التَّقْسِيطِ لِكُلٍّ مِنْ النَّقْدِ وَالْعَرْضِ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى مَعْرِفَةِ تَقْوِيمِهِمَا يَوْمَ الشِّرَاءِ بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ لِيُعْرَفَ نِسْبَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ مِثَالُهُ اشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَغَالِبُ نَقْدِ الْبَلَدِ دَنَانِيرُ وَبِعَبْدِ قِنْيَةٍ فَتُقَوَّمُ الدَّرَاهِمُ بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ يَوْمَ الشِّرَاءِ وَيُقَوَّمُ الْعَبْدُ بِهِ فَإِنْ اسْتَوَتْ قِيمَتُهُمَا قُوِّمَ نِصْفُ عَرْضِ مَالِ التِّجَارَةِ آخِرَ حَوْلِهِ بِالدَّرَاهِمِ وَنِصْفُهُ الْآخَرُ بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ يَوْمَ التَّقْوِيمِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ وَالدَّرَاهِمِ بِأَنْ سَاوَتْ الدَّرَاهِمُ ثُلُثَ نِصَابٍ مِنْ غَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ وَسَاوَى الْعَبْدُ الثُّلُثَيْنِ قُوِّمَ ثُلُثُ عَرْضِ مَالِ التِّجَارَةِ آخِرَ الْحَوْلِ بِالدَّرَاهِمِ وَثُلُثَاهُ بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ يَوْمَ التَّقْوِيمِ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا كَانَ غَالِبُ نَقْدِ الْبَلَدِ يَوْمَ التَّقْوِيمِ غَيْرَ جِنْسِ الْمُشْتَرَى بِهِ أَمَّا إذَا كَانَ مِنْ جِنْسِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى التَّقْوِيمِ وَاخْتِلَافُ صِفَةِ النَّقْدِ كَاخْتِلَافِ جِنْسِهِ فِي رِعَايَةِ التَّقْسِيطِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِلْمَمْلُوكِ فَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) - فَسَّحَ اللَّهُ فِي مُدَّتِهِ - بِقَوْلِهِ مَا ذَكَرَ مِنْ تَقْوِيمِ الثَّمَنِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى النَّوْعَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ أَيْ مَا يُتَعَامَلُ بِهِ فِيهِ وَلَوْ عَرْضًا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ ظَاهِرٌ مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِهِمْ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا تَعْبِيرُهُمْ هُنَا بِالْمُقَابِلَةِ إذْ لَا تُعْرَفُ بِالتَّقْوِيمِ فِي كُلٍّ مِنْ ذَيْنِكَ النَّوْعَيْنِ وَالتَّقْوِيمُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْغَالِبِ الْمَذْكُورِ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَحْتَاجُوا إلَى التَّصْرِيحِ بِذَلِكَ هُنَا وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ فِي قَاعِدَةِ مُدِّ عَجْوَةٍ وَفِيمَا إذَا اشْتَرَى شِقْصًا مَشْفُوعًا وَسَيْفًا بِمِائَةٍ مَثَلًا أَنَّ أَحَدَ طَرَفَيْ الْعَقْدِ إذَا اشْتَمَلَ عَلَى مَالَيْنِ مُخْتَلِفِينَ وَزَرَعَ مَا فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ أَيْ لِيُعْطِيَ كُلًّا مِنْهُمَا حُكْمَهُ لَا يُعْرَفُ هَذَا التَّوْزِيعُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ إلَّا إذَا قُوِّمَا بِالْغَالِبِ الْمَذْكُورِ وَمِنْهَا قَوْلُهُمْ فِيمَنْ اشْتَرَى دَارًا فِيهَا صَفَائِحُ فِضَّةٍ بِذَهَبٍ أَوْ بِالْعَكْسِ اشْتَرَطَ قَبْضَ الدَّارِ وَمُقَابِلُ الصَّفَائِحِ مِنْ الثَّمَنِ فِي الْمَجْلِسِ حَذَرًا مِنْ الرِّبَا أَيْ وَلَا تُعْرَفُ تِلْكَ الْمُقَابَلَةُ إلَّا بِالتَّقْوِيمِ بِالْغَالِبِ كَمَا تَقَرَّرَ وَلِظُهُورِ هَذَا إذْ هُوَ مِنْ الْمُقَرَّرَاتِ الْمَعْرُوفَةِ مِنْ مَجْمُوعِ كَلَامِهِمْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ فِي أَكْثَرِ الْمَوَاضِعِ اتِّكَالًا عَلَى ذَلِكَ فَظَهَرَ أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي صُورَةِ السُّؤَالِ مِنْ تَقْوِيمِ النَّوْعَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ بِالْغَالِبِ الْمَذْكُورِ هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِهِمْ عِنْدَ مَنْ لَهُ أَدْنَى مَسْكَةٍ بِقَوَاعِدِهِمْ وَإِلْمَامٍ بِأَطْرَافِ كَلَامِهِمْ.
نَعَمْ يَتَرَدَّدُ نَظَرُ الْفَقِيهِ فِيمَا لَوْ اخْتَلَفَ الْغَالِبُ وَقْتَ الشِّرَاءِ وَآخِرَ الْحَوْلِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ الثَّانِي لِأَنَّهُ الْمُعْتَبَرُ فِي زَكَاةِ التِّجَارَةِ أَوْ الْأَوَّلُ لِأَنَّ هَذَا التَّقْوِيمَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالزَّكَاةِ بِطَرِيقِ الْقَصْدِ بَلْ بِالتَّبَعِ إذْ الْغَرَضُ مِنْهُ مَعْرِفَةُ مَا يَخُصُّ كُلًّا مِنْ الْعَرْضِ وَالنَّقْدِ لِاخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا وَأَمَّا أَمْرُ الزَّكَاةِ فَشَيْءٌ مُتَرَقَّبٌ قَدْ يَحْصُلُ وَقَدْ لَا وَلِلنَّظَرِ فِي ذَلِكَ مَجَالٌ وَاَلَّذِي يَنْقَدِحُ الثَّانِي لِمَا أَشَرْت إلَيْهِ آنِفًا أَنَّ اخْتِلَافَ أَحَدِ طَرَفَيْ الْعَقْدِ يَقْتَضِي تَوْزِيعَ طَرَفِهِ الْآخَرِ عَلَيْهِمَا وَأَنَّ ذَلِكَ التَّوْزِيعَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالتَّقْوِيمِ بِالْغَالِبِ فَكَانَ التَّقْوِيمُ بِهِ مِنْ مُقْتَضَيَاتِ الْعَقْدِ فَلَمْ نَعْتَبِرْ فِيهِ غَيْرَ الْغَالِبِ وَقْتَهُ وَعَلَيْهِ فَإِذَا اشْتَرَى بِعَبْدٍ وَدِينَارٍ عَرْضَ تِجَارَةٍ وَغَالِبُ الْمُتَعَامَلِ بِهِ حِينَئِذٍ الْفِضَّةُ مَثَلًا فَقُوِّمَا بِهَا وَكَانَ الْعَبْدُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ جَانِبِهِ وَالدِّينَارُ رُبُعُ جَانِبِهِ ثُمَّ عِنْدَ آخِرِ الْحَوْلِ صَارَ الْغَالِبُ الْحِنْطَةَ وَلَوْ فَرَضَ تَقْوِيمَهُمَا بِهَا الْآنَ لَكَانَ الْعَبْدُ ثُلُثَيْ جَانِبِهِ وَالدِّينَارُ ثُلُثُ جَانِبِهِ اُعْتُبِرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute