إجَارَةً بَلْ جَعَالَةً فَهَلْ الْحُكْمُ فِيهَا كَمَا فِي الْإِجَارَةِ أَفْتَوْنَا وَقَدْ نُقِلَ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ آنِفًا أَنَّ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ بِقَلِيلٍ تَعْيِينُ مَنْ يُؤَدِّي عَنْهُ النُّسُكَ شَرْطٌ فِي إجْزَاءِ الْحَجِّ دُونَ صِحَّةِ الْعَقْدِ فَإِنْ ذَكَرَهُ فِي الْعَقْدِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذِكْرِهِ فِيمَا بَعْدُ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْعَقْدِ صَحَّ وَلَيْسَ لِلْأَجِيرِ الْإِحْرَامُ إلَّا بَعْدَ تَعْيِينِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ إلَخْ وَالْمَسْأَلَةُ وَاقِعَةٌ لِبَعْضِ الْيَمْنَةِ وَإِذَا قِيلَ بِوُجُوبِ النِّيَّةِ عِنْدَ الْإِحْرَامِ فَنَسَى فَهَلْ يَكُونُ النِّسْيَانُ عُذْرًا أَمْ لَا وَهَلْ هَذَا مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ النِّسْيَانُ أَوْ مِنْ خِطَابِ التَّكْلِيفِ فَيُؤَثِّر فِيهِ النِّسْيَانُ.
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ مَا ذَكَرُهُ بَعْضُهُمْ مِنْ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ اعْتَرَضَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّ الْوَجْهَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ الْإِحْرَامَ عَنْ الْمُسْتَأْجَرِ لَهُ فِي الْجَمِيعِ وَهُوَ اعْتِرَاضٌ وَاضِحٌ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْأَجِيرَ فِي إجَارَةِ الْعَيْنِ وَالذِّمَّةِ الصَّحِيحَةِ وَالْفَاسِدَةِ لَوْ صَرَفَ الْحَجَّ لِنَفْسِهِ وَقَعَ لَهُ فَإِذَا أَطْلَقَ تَعَارَضَ أَصْلُ وُقُوعِ الْعِبَادَةِ مِنْ الْمُبَاشِرِ وَأَصْلُ وُقُوعِ الْعَمَلِ بَعْدَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ عَنْ الْمُسْتَأْجَرِ وَلَا مُرَجِّحَ فَوَجَبَ التَّمْيِيزُ بِالنِّيَّةِ مُطْلَقًا وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْإِشْكَالِ لَيْسَ فِي مَحَلِّهِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي مَسْأَلَةِ الْخُلْعِ كَمَا لَهُ أَنْ يُخَالِعَ عَنْ نَفْسِهِ كَذَلِكَ لِلْأَجِيرِ أَنْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ كَمَا تَقَرَّرَ فَهُمَا عَلَى حَدٍّ وَاحِدٍ وَأَنَّ مَنْ قَالَ بِأَنَّ الْوَكِيلَ فِي مَسْأَلَةِ الْخُلْعِ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ هَذَا وَمَا نَحْنُ فِيهِ بِأَنَّ الْوَكِيلَ لَمْ يَتَعَارَضْ فِي حَقِّهِ أَصْلَانِ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلتَّمْيِيزِ بِالنِّيَّةِ بِخِلَافِ الْأَجِيرِ هَذَا مَا يَتَعَلَّقُ بِنِيَةِ الْأَجِيرِ. وَأَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِمَعْرِفَةِ الْمَحْجُوجِ عَنْهُ الَّذِي كَلَامُ الْمَاوَرْدِيُّ الْمَذْكُورُ فِيهِ فَفِي اشْتِرَاطِ ذَلِكَ خِلَافٌ طَوِيلٌ بَيْنَ الْأَصْحَابِ وَحَاصِلُ الْمُعْتَمَدِ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَمْيِيزِهِ فِي النِّيَّةِ بِوَجْهٍ مَا وَبِهَذَا يَجْمَعُ بَيْنَ مَنْ أَطْلَقَ اشْتِرَاطَ الْمَعْرِفَةِ وَمَنْ أَطْلَقَ عَدَمَ اشْتِرَاطِهَا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ هَلْ تَصِحُّ النِّيَابَةُ فِي الطَّوَافِ وَالْقِرَاءَةِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا تَصِحُّ النِّيَابَةُ فِي الطَّوَافِ اسْتِقْلَالًا وَلَا فِي الْقِرَاءَةِ إلَّا مِمَّنْ اُسْتُؤْجِرَ لَهُمَا بِشَرْطِهِ.
(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ عَمَّنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ تَطَوُّعًا ثُمَّ مَاتَ وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ نَحْوَ طَوَافِ الرُّكْنِ فَهَلْ يَجِبُ الْقَضَاءُ مِنْ تَرِكَتِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ مُوجِبَهُ الْفَوَاتُ أَوْ الْإِفْسَادُ وَلَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا هُنَا وَتَقْصِيرُهُ بِتَأْخِيرِ نَحْوِ الطَّوَافِ لَوْ فُرِضَ أَنَّ فِيهِ تَقْصِيرًا لَا يُوجِبُ الْقَضَاءَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
(وَسُئِلَ) نَفَعَ اللَّهُ بِهِ بِمَا لَفْظُهُ هَلْ الْأَفْضَلُ لِشَخْصٍ صَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ فِي هَذَا الْحَرَمِ الشَّرِيفِ أَنْ يَمْكُثَ مَكَانَهُ وَيَشْتَغِلَ بِالذِّكْرِ إلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ كَمَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَسْجِدِ مِنْ سَائِرِ الْمَسَاجِدِ لِمَا عَلِمَ مِنْ الْفَضْلِ الْحَاصِلِ لِمَنْ اشْتَغَلَ بِالذِّكْرِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَهُوَ مَكَانَهُ إلَى أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَمْ الْأَفْضَلُ لَهُ الِاشْتِغَالُ بِالطَّوَافِ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ إلَى عِبَادَةٍ أَفْضَلَ مِنْ الْعِبَادَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَقَدْ قَالَ الْفُقَهَاءُ إنَّ الْأَفْضَلَ لِمَنْ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ أَنَّ الْأَفْضَلَ قَطْعُ الصَّلَاةِ بِشَرْطِهِ لِيُصَلِّيَ بِالْوُضُوءِ وَأَنَّ مَنْ أُقِيمَتْ صَلَاةٌ وَهُوَ يُصَلِّي مُنْفَرِدًا نُدِبَ قَطْعُهَا بِشَرْطِهِ لِيُصَلِّيَهَا مَعَ الْجَمَاعَةِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي السَّعْيِ أَوْ الطَّوَافِ وَأُقِيمَتْ صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ نُدِبَ لَهُ قَطْعُ السَّعْيِ وَنَحْوِهِ وَأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي طَوَافِ نَفْلٍ وَحَضَرَتْ صَلَاةُ الْجِنَازَةِ نُدِبَ لَهُ قَطْعُهُ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْهُ.
وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ أَنَّ الطَّوَافَ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ غَيْرِ الصَّلَاةِ بَلْ صَرَّحَ السُّيُوطِيّ فِي كِتَابِهِ الَّذِي جَمَعَ فِيهِ عُلُومًا كَثِيرَةً مُخْتَصَرَةً بِأَنَّ الطَّوَافَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَعِبَارَتُهُ وَالصَّلَاةُ أَفْضَلُ مِنْ الطَّوَافِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ أَيْ الطَّوَافُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ حَتَّى مِنْ الْعُمْرَةِ وَقِيلَ الْعُمْرَةُ أَفْضَلُ قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فِي تَأْلِيفٍ لَهُ عَلَى الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ خَطَأٌ ظَاهِرٌ وَأَدَلُّ دَلِيلٍ عَلَيْهِ مُخَالِفَةُ السَّلَفِ فَإِنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ تَكْرَارُهَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَنْ بَعْدَهُ بَلْ كَرِهَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَكْرَارَهَا فِي الْعَامِ الْوَاحِدِ وَأَجْمَعُوا عَلَى اسْتِحْبَابِ الطَّوَافِ اهـ كَلَامُهُ وَنُقِلَ عَنْ الْمَجْمُوعِ أَنَّ الِاشْتِغَالَ بِالذِّكْرِ بَعْدَ الصُّبْحِ أَفْضَلُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ أَمْ لَا وَهَلْ مَا نَقَلَهُ السُّيُوطِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ الْمُحِبِّ الطَّبَرِيِّ عَلَى ظَاهِرِهِ أَمْ لَا.
وَنُقِلَ عَنْ عَوَارِفِ الْمَعَارِفِ أَنَّ الِانْتِقَالَ مِنْ مَوْضِعِ الصَّلَاةِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute