إنَّمَا هُوَ آصُعٌ مَعْلُومَةٌ مِنْهُ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا اخْتِلَاطُ الْمَبِيعِ بِغَيْرِهِ الَّذِي نَظَرَ إلَيْهِ الْقَفَّالُ وَسَيَأْتِي الْجَوَابُ عَنْهُ وَقَالَ أَيْضًا مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقِيَاسِ عَلَى بَيْعِ صَاعٍ مِنْ صُبْرَةٍ لَا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّ الصُّبْرَةَ لَيْسَ هُنَاكَ شَيْءٌ يَزِيدُ فِيهَا بِخِلَافِ صُورَة الْمَاءِ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ الصُّبْرَةَ كَانَتْ فِي مَوْضِعٍ وَهُنَاكَ شَيْءٌ مِنْ جِنْسِهَا يَنْزِلُ عَلَيْهَا مِنْ السَّقْفِ أَوْ مِنْ ثَقْبٍ فِي الْحَائِطِ وَنَحْو ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ الْمُخْتَلَطُ فَإِنْ تَعَيَّنَ الْمُخْتَلَطُ وَبَاعَ مِنْ غَيْرِهِ صَحَّ اهـ وَقَوْلُهُ لَا يَسْتَقِيمُ هُوَ الَّذِي لَا يَسْتَقِيمُ وَلَا نَظَرَ لِفَرْقِهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ يَزِيدُ بِخِلَافِهِ هُنَا لِمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ الزِّيَادَةَ قَلِيلَةٌ فَلَا تَضُرُّ فَكَأَنَّ الزِّيَادَةَ هُنَا كَلَا زِيَادَةٍ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ اتَّضَحَتْ الْمُسَاوَاةُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَمْ يَنْظُرُوا لِصُورَةِ الْفَرْقِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ.
وَقَوْلُهُ فَإِنْ فُرِضَ إلَخْ لَا حَاجَةَ بِنَا إلَيْهِ لِأَنَّا بَيَّنَّا أَنَّ الْكَلَامَ فِي صُورَةٍ لَمْ تَحْصُلْ فِيهَا زِيَادَةٌ وَأَنَّهَا مَعَ ذَلِكَ نَظِيرَةُ مَسْأَلَتِنَا وَقَالَ أَيْضًا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقِيَاسِ عَلَى الْقَتِّ لَا يَسْتَقِيمُ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْقَتِّ مِنْ عَيْنِهِ بِخِلَافِ الْمَاءِ وَالصُّبْرَةِ الَّتِي يَنْزِلُ عَلَيْهَا شَيْءٌ آخَرُ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ وَأَيْضًا فَقَدْ تَكُونُ الزِّيَادَةُ فِي الْقَتِّ كَثِيرَةً وَقَدْ أَطْلَقُوا ثُبُوتَ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ فِي صُورَةِ الْقَتِّ وَلَا يَأْتِي مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ إنَّمَا يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي اهـ وَمَا ذَكَرَهُ هُوَ الَّذِي لَا يَسْتَقِيمُ لِأَنَّ النَّوَوِيَّ لَمْ يَقْصِدْ التَّشْبِيهَ بَيْنَهُمَا إلَّا مِنْ حَيْثُ إنَّ الزِّيَادَةَ فِي كُلٍّ مِنْ الْقَتِّ وَالْمَاءِ الْمَذْكُورِ قَلِيلَةٌ تَافِهَةٌ لَا يُنْظَرُ إلَيْهَا فِي الْغَالِبِ وَسَوَاءٌ أَكَانَتْ مِنْ الْعَيْنِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ مُمَاثِلٍ لِتِلْكَ الْعَيْنِ فَانْدَفَعَ نَظَرُهُ لِذَلِكَ فِي الْفَرْقِ لِأَنَّهُ لَا يَرْتَبِطُ بِهِ هُنَاكَ كَبِيرُ مَعْنًى وَقَوْلُهُ قَدْ تَكُونُ الزِّيَادَةُ فِي الْقَتِّ كَثِيرَةٌ يُرَدُّ بِأَنَّ الْكَلَامَ إنَّمَا هُوَ فِي الْغَالِبِ وَفِيمَا مِنْ شَأْنِهِ وَمِنْ شَأْنِهَا فِي الْقَتِّ وَالْغَالِبِ فِيهَا أَنَّهَا قَلِيلَةٌ فَلَا يَنْظُرُ إلَى أَنَّهَا قَدْ تَكْثُرُ.
وَقَالَ أَيْضًا وَقَوْلُهُ كَمَا لَوْ بَاعَ صَاعًا مِنْ صُبْرَةٍ وَصَبَّ عَلَيْهَا صُبْرَةً أُخْرَى فَإِنَّ الْبَيْعَ بِحَالِهِ قِيَاسٌ مَرْدُودٌ فَإِنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى الصَّاعِ مِنْ الصُّبْرَةِ قَبْلَ الِاخْتِلَاطِ وَصَحَّ وَفِي صُورَةِ الْمَاءِ وَنَحْوهَا وَقَعَ الْبَيْعُ مُقَارِنًا لِلِاخْتِلَاطِ فَلَمْ يَصِحَّ اهـ وَلَيْسَ الْقِيَاسُ مَرْدُودًا كَمَا زَعَمَهُ بَلْ هُوَ مَقْبُولٌ فَإِنَّ حُدُوثَ الْخَلْطِ وَلَوْ فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ لَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ مَعَ أَنَّ الْوَاقِعَ فِي الْمَجْلِسِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْوَاقِعِ فِي الْعَقْدِ فَكَذَلِكَ مُقَارَنَتُهُ لِلْبَيْعِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَاءِ لَا تَمْنَعُهُ وَاعْتَرَضَ أَيْضًا قَوْلَهُ وَيَبْقَى الْبَيْعُ مَا بَقِيَ صَاعٌ مِنْ الصُّبْرَةِ بِاعْتِرَاضٍ أَعْرَضْتُ عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا يُنَاسِبُ مَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ وَاعْتَرَضَ أَيْضًا قَوْلَ الرَّوْضَةِ وَلَوْ بَاعَ الْمَاءَ مَعَ قَرَارِهِ نَظَرَ إنْ كَانَ جَارِيًا إلَخْ فَقَالَ وَهُوَ كَلَامٌ غَيْرُ مُسَلَّمٍ فِي صُورَةِ الْجَارِي فَإِنَّ مُجَرَّدَ الْجَرَيَانِ لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَ بَيْعِ الْمَاءِ تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّ الْمَاءَ الْمَذْكُورَ مَمْلُوكٌ إذَا كَانَ الْجَرَيَانُ يَنْتَهِي إلَى مَقْطَعٍ بِحَيْثُ يُمْكِنُ الِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ يَنْتَهِي إلَى نُزُولٍ فِي بَحْرٍ وَنَحْوه فَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فِيهِ.
وَمَا نَزَلَ مِنْهُ فِي الْبَحْرِ كَتَلَفِ بَعْضِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ اهـ وَقَوْلُهُ أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ لِمَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضَةِ وَقَوْلُهُ مُجَرَّدُ الْجَرَيَانِ إلَخْ مَمْنُوعٌ لِمَا مَرَّ مِنْ الْجَهْلِ بِقَدْرِهِ وَعَدَمِ إمْكَانِ تَسْلِيمِهِ وَكَوْنُهُ يَنْتَهِي إلَى مَقْطَعٍ يُمْكِنُ الِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهِ لَا يُنْظَرُ إلَيْهِ لِنُدْرَةِ إمْكَانِ ذَلِكَ وَدَعْوَاهُ أَنَّ مَا تَلِفَ بِنُزُولِهِ إلَى نَحْوِ بِئْرٍ كَتَلَفِ بَعْضِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ غَيْرُ صَحِيحَةٍ لِأَنَّ الصُّورَةَ فِي تَلَفِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَنَّهُ كَانَ تَسَلَّمَهُ قَبْلَ تَلَفِهِ حِينَ الْبَيْعِ مَقْدُورًا عَلَيْهِ بِخِلَافِهِ هُنَا وَمِنْهَا أَنِّي ذَكَرْت الْمَسْأَلَةَ أَيْضًا فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَفِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى مَا مَرَّ وَعِبَارَتُهُ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ مَاءِ بِئْرٍ أَوْ قَنَاةٍ دُونَهُمَا لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ وَيَزِيدُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَيَخْتَلِطُ الْمَبِيعُ بِغَيْرِهِ وَيَتَعَذَّرُ التَّسْلِيمُ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ مَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي مِنْ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ بِشَرْطِ أَخْذِهِ الْآنَ صَحَّ.
وَكَذَا يَصِحُّ بَيْعُ صَاعٍ مِنْ مَاءِ بِئْرٍ أَوْ قَنَاةٍ رَاكِدٍ لِقِلَّةِ زِيَادَتِهِ فَلَا يَضُرُّ بِخِلَافِ الْجَارِي إذَا لَمْ يُمْكِنْ رَبْطُ الْعَقْدِ بِمِقْدَارٍ مَضْبُوطٍ مِنْهُ لِعَدَمِ وُقُوفِهِ وَبَيْع بِئْرٍ مَعَ مَائِهَا الظَّاهِرِ أَوْ جُزْئِهَا الشَّائِعِ إنْ عُرِفَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ عُمْقُهَا وَمَا يَنْبُعُ فِي الثَّانِيَةِ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا فَإِنْ اشْتَرَاهَا أَوْ جُزْأَهَا الشَّائِعَ دُونَ الْمَاءِ أَوْ أَطْلَقَ لَمْ يَصِحَّ لِئَلَّا يَخْتَلِطَ الْمَاءُ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَوْ بَاعَ مَاءَ الْقَنَاةِ مَعَ قَرَارِهِ وَالْمَاءُ جَارٍ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ فِي الْمَاءِ وَفِي الْقَرَارِ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَرَدُّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute