للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي اسْتِحْقَاقِهَا أَنْ يَعْقِدَ عَلَى الْقَرَارِ كَانَ أَحَقَّ بِالْمَاءِ فَيَشْتَرِي نَفْسَ الْقَنَاةِ أَوْ سَهْمًا مِنْهَا فَإِذَا مَلَكَ الْقَرَارَ كَانَ أَحَقَّ بِالْمَاءِ عَلَى قَوْل الْكُلّ اهـ وَبِهِ يُعْلَمُ أَيْضًا مَحَلُّ قَوْلِ الْبَيَانِ لَا يَصِحُّ بَيْعُ سَهْم مِنْ مَاءِ كَذَا لِأَنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوكٍ وَكَذَا لَا يَصِحّ أَنْ يَقُول بِعْتُك لَيْلَة أَوْ يَوْمًا مِنْ مَاءِ كَذَا لِأَنَّ الزَّمَان لَا يَصِحّ بَيْعه.

وَلَكِنَّ الْحِيلَةَ فِيمَنْ أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِي مَاء الْعَيْن أَوْ سَهْمًا مِنْهَا أَنْ يَشْتَرِيَ الْعَيْن نَفْسهَا أَوْ سَهْمًا مِنْهَا هَكَذَا ذَكَرَهُ أَصْحَابنَا اهـ وَلَا بَأْس بِالتَّنْبِيهِ هُنَا عَلَى فَائِدَةٍ حَسَنَةٍ تَتَعَلَّقُ بِمَا نَحْنُ فِيهِ وَهِيَ أَنَّ النَّوَوِيَّ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ وَلَا يَجُوزُ بَيْع مَاءِ الْبِئْر وَالْقَنَاة فِيهِمَا لِأَنَّهُ مَجْهُول وَيَزِيد شَيْئًا فَشَيْئًا فَيَخْتَلِط فَيَتَعَذَّر التَّسْلِيم وَإِنْ بَاعَ مِنْهُ أُصْبُعًا فَإِنْ كَانَ جَارِيًا لَمْ يَصِحّ إذْ لَا يُمْكِن رَبْط الْعَقْد بِمِقْدَارٍ وَإِنْ كَانَ رَاكِدًا وَقُلْنَا إنَّهُ غَيْرُ مَمْلُوك لَمْ يَصِحّ وَإِنْ قُلْنَا مَمْلُوك فَقَالَ الْقَفَّالُ لَا يَصِحّ أَيْضًا لِأَنَّهُ يَزِيد فَيَخْتَلِط الْمَبِيع وَالْأَصَحّ الْجَوَاز كَبَيْعِ صَاع مِنْ صُبْرَة وَأَمَّا الزِّيَادَة فَقَلِيلَة فَلَا تَضُرّ كَمَا لَوْ بَاعَ الْقَتَّ فِي الْأَرْض بِشَرْطِ الْقَطْع وَكَمَا لَوْ بَاعَ صَاعًا مِنْ صُبْرَةٍ وَصَبَّ عَلَيْهَا صُبْرَةً أُخْرَى فَإِنَّ الْبَيْع بِحَالِهِ وَيَبْقَى الْمَبِيع مَا بَقِيَ صَاع مِنْ الصُّبْرَةِ.

وَلَوْ بَاعَ الْمَاء مَعَ قَرَاره نَظَرَ إنْ كَانَ جَارِيًا فَقَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْقَنَاة مَعَ مَائِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ جَارِيًا وَقُلْنَا الْمَاء لَا يُمَلَّك لَمْ يَصِحّ الْبَيْع فِي الْمَاء وَفِي الْقَرَار قُولَا تَفْرِيق الصَّفْقَة اهـ وَسَيَأْتِي الْجَمْع بَيْن هَذِهِ الْعِبَارَة وَمَا نَاقَضَهَا بِحَسَبِ مَا يَظْهَرُ بِبَادِئِ الرَّأْيِ فِي الْبَابِ الْخَامِسِ وَإِنَّمَا سُقْتهَا هُنَا لِأَنَّ الْبُلْقِينِيُّ اعْتَرَضَهَا بِاعْتِرَاضَاتٍ مُتَعَلِّقَة بِمَا نَحْنُ فِيهِ فَأَحْبَبْت ذِكْرهَا لِأَرُدّ تِلْكَ الِاعْتِرَاضَات الَّتِي أَوْرَدَهَا عَلَيْهَا فَمِنْهَا قَوْله وَمَا ذَكَرَهُ فِي بَيْع مَاء الْبِئْر مِنْ تَعْلِيلِ عَدَم الْجَوَاز بِأَنَّهُ مَجْهُول كَلَام غَيْر مُسْتَقِيم فَإِنَّ الْجَهَالَة فِي مِثْل ذَلِكَ لَا تَضُرّ كَبَيْعِ الصُّبْرَة الَّتِي لَا يُعْلَم مِقْدَارهَا اهـ وَمَا ذَكَره هُوَ الَّذِي لَيْسَ بِمُسْتَقِيمٍ فَإِنَّهُ فِي الرَّوْضَةِ لَمْ يَقْتَصِر عَلَى التَّعْلِيل بِالْجَهْلِ فَقَطْ بَلْ قَالَ وَيَزِيد شَيْئًا فَشَيْئًا إلَخْ وَبِهَذَا انْدَفَعَ تَشْبِيه الْبُلْقِينِيُّ لِمَاءِ الْبِئْر بِالصُّبْرَةِ الْمَذْكُورَة وَإِيضَاحُهُ أَنَّ الصُّبْرَة يُحِيطُ الْعِيَانَ بِجَوَانِبِهَا وَيُمْكِن حَزْرهَا فَيَقِلّ الْغَرَر فِيهَا بِخِلَافِ مَاء الْبِئْر الْمُتَزَايِد شَيْئًا فَشَيْئًا فَإِنَّ الْعِيَانَ لَا يُحِيط بِهِ فَيَكْثُر الْغَرَر وَهَذَا وَاضِح لَا خَفَاء فِيهِ.

وَسَيَأْتِي عَنْ الْبُلْقِينِيُّ نَفْسه مَا يُصَرِّح بِهِ وَمِنْهَا أَنَّهُ قَالَ أَيْضًا وَقَوْل الرَّوْضَةِ وَيَزِيد شَيْئًا فَشَيْئًا فَيَخْتَلِط وَيَتَعَذَّر التَّسْلِيم يُخَالِفهُ مَا ذُكِرَ فِي صُورَة الْقَفَّالِ وَالْأَصَحّ فِيهَا قَوْل الْقَفَّالِ خِلَاف مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلشَّرْحِ لِأَنَّ صُورَة الْمَسْأَلَة أَنَّ هُنَاكَ مَاءً آخَر يَنْبُع وَيَخْتَلِط بِالرَّاكِدِ وَالنَّبْع مُسْتَمِرّ فَلَا يَقَع الْبَيْع إلَّا مُقَارِنًا لِلِاخْتِلَاطِ اهـ وَمَا زَعَمَهُ مِنْ أَنَّ الْأَصَحّ قَوْل الْقَفَّالِ لَا يُلْتَفَت إلَيْهِ فَإِنَّ الشَّيْخَيْنِ صَحَّحَا خِلَافه وَالْمُعَوَّل فِي التَّرْجِيح لَيْسَ إلَّا عَلَيْهِمَا

إذَا قَالَتْ حَذَامِ فَصَدِّقُوهَا ... فَإِنَّ الْقَوْل مَا قَالَتْ حَذَامِ

وَالْعَجَب مِنْ تَرْجِيحه هَذَا مَعَ قَوْل الرَّافِعِيِّ رَدًّا عَلَى الْقَفَّالِ وَالْوَجْه أَنْ يُبْنَى قَوْلُ الْقَفَّالِ عَلَى مَذْهَبه مِنْ أَنَّ بَيْعَ صَاعٍ مِنْ صُبْرَة مَجْهُولَةِ الصِّيعَان لَا يَجُوز اهـ وَمَا قَالَهُ فِي الصُّبْرَة ضَعِيف فَكَذَا مَا قَالَهُ فِي الْمَاء الْمُشَابِه لَهَا وَمَا زَعَمَهُ أَيْضًا مِنْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ أَوْ لَا يُخَالِفهُ مَا ذَكَرَهُ فِي صُورَة الْقَفَّالِ يُرَدّ بِوُضُوحِ الْفَرْق بَيْن الصُّورَتَيْنِ فَإِنَّهُ فِي الصُّورَة الْأُولَى مَجْهُول كَمَا مَرَّ بِخِلَافِهِ فِي الثَّانِيَة فَإِنَّهُ لَا جَهْل فِيهِ لِأَنَّ الصُّورَة أَنَّهُ رَاكِد وَالْمَبِيع إنَّمَا هُوَ إصْبَعٌ مَعْلُومٌ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا اخْتِلَاط الْمَبِيع بِغَيْرِهِ الَّذِي نَظَرَ إلَيْهِ الْقَفَّالُ وَسَيَأْتِي الْجَوَاب عَنْهُ.

وَمِنْهَا أَنَّهُ قَالَ أَيْضًا وَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ الْقِيَاس عَلَى بَيْع صَاع مِنْ صُبْرَة لَا يَسْتَقِيم لِأَنَّ الصُّبْرَة لَيْسَ هُنَاكَ شَيْء يَزِيدُ فِيهَا بِخِلَافِ صُورَة الْمَاء فَإِنْ فُرِضَ أَنَّ الصُّبْرَة كَانَتْ فِي مَوْضِع وَهُنَاكَ شَيْء مِنْ جِنْسهَا يَنْزِل عَلَيْهَا مِنْ السَّقْف أَوْ مِنْ ثَقْبٍ فِي الْحَائِط وَنَحْو ذَلِكَ لَمْ يَصِحّ الْبَيْع إذَا لَمْ يَتَعَيَّن الْمُخْتَلَط وَبَاعَ مِنْ غَيْره صَحَّ اهـ وَقَوْله لَا يَسْتَقِيم هُوَ الَّذِي لَا يَسْتَقِيم وَلَا نَظَّرَ لِفَرْقِهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا شَيْء يَزِيدُ بِخِلَافِهِ هُنَا لَمَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ مِنْ أَنَّ الزِّيَادَة قَلِيلَة فَلَا تَضُرّ فَكَأَنَّ الزِّيَادَة هُنَا كَلَا زِيَادَة وَإِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ اتَّضَحَتْ الْمُسَاوَاة بَيْن الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَمْ يُنْظَر لِصُورَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>