مَجْهُولٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِهِ - عَنْ الْمُتَوَضِّئِ إذَا سَمِعَ الْأَذَانَ هَلْ تُسَنُّ لَهُ الْإِجَابَةُ حِينَئِذٍ أَمْ لَا؟
(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِقَوْلِهِ أَمَّا حَالُ الْوُضُوءِ فَيُجِيبُ؛ لِأَنَّ الْمُتَوَضِّئَ إنَّمَا يُسَنُّ لَهُ السُّكُوتُ عَنْ غَيْرِ الذِّكْرِ، وَأَذْكَارُ الْأَعْضَاءِ فِي نَدْبِهَا خِلَافٌ بَلْ الْأَصَحُّ عَدَمُ نَدْبِهَا كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ؛ لِأَنَّ أَحَادِيثَهَا لَا تَخْلُو عَنْ كَذَّابٍ أَوْ مُتَّهَمٍ بِالْكَذِبِ، وَاعْتِرَاضُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَيْهِ رَدَدْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَالْعُبَابِ، وَأَمَّا الْإِجَابَةُ فَمَنْدُوبَةٌ اتِّفَاقًا وَلِذَا قَالُوا بِنَدْبِهَا لِلطَّائِفِ مَعَ أَنَّ لَهُ أَذْكَارًا مَطْلُوبَةً اتِّفَاقًا، فَالْمُتَوَضِّئُ أَوْلَى وَأَمَّا بَعْدَ فَرَاغِ الْوُضُوءِ بِأَنْ وَافَقَ فَرَاغُ وُضُوئِهِ فَرَاغَ الْمُؤَذِّنِ، فَيَأْتِي بِذِكْرِ الْوُضُوءِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْبُلْقِينِيُّ مُقَدِّمًا لَهُ عَلَى الذِّكْرِ عَقِبَ الْأَذَانِ لِأَنَّهُ لِلْعِبَادَةِ الَّتِي فَرَغَ مِنْهَا ثُمَّ يَذْكُرُ الْأَذَانَ قَالَ، وَحَسَنٌ أَنْ يَأْتِيَ بِشَهَادَتَيْ الْوُضُوءِ ثُمَّ بِدُعَاءِ الْأَذَانِ لِتَعَلُّقِهِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثُمَّ بِالدُّعَاءِ لِنَفْسِهِ.
(وَسُئِلَ) - نَفَعَ اللَّهُ بِعُلُومِهِ - عَمَّنْ قُطِعَ أَنْفُهُ أَوْ أُنْمُلَتُهُ فَجَعَلَ مَحَلَّهُ بَدَلَهُ مِنْ ذَهَبٍ مَثَلًا فَهَلْ يَجِبُ غَسْلُهُ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ أَوْ إزَالَتُهُ وَهَلْ يَمْسَحُهُ بَدَلًا عَمَّا تَحْتَهُ كَالْجَبِيرَةِ أَوْ لَا؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْبَدَلُ بِحَيْثُ يُمْكِنُ بِلَا خَشْيَةِ مُبِيحِ تَيَمُّمٍ إزَالَتُهُ وَعَوْدُهُ وَجَبَتْ إزَالَتُهُ وَغَسْلُ مَا تَحْتَهُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إنْ بُنِيَ عَلَيْهِ اللَّحْمُ أَوْ الْجِلْدُ وَسَتَرَهُ - وَجَبَ غَسْلُهُ وَكَذَا لَوْ بُنِيَ عَلَى بَعْضِهِ فَيَجِبُ غَسْلُ ذَلِكَ الْبَعْضِ وَهَذَا ظَاهِرٌ أَيْضًا، وَأَمَّا الظَّاهِرُ الَّذِي لَمْ يُبْنَ عَلَيْهِ اللَّحْمُ وَلَا الْجِلْدُ فَهُوَ مَحَلُّ تَرَدُّدِ النَّظَرِ، وَقَدْ ذَكَرُوا فِي الْجِنَايَاتِ فِي السِّنِّ الْمُتَّخَذَةِ مِنْ ذَهَبٍ أَنَّهُ لَا أَرْشَ فِيهَا وَإِنْ كَانَ نَفْعُهَا أَكْثَرَ مِنْ نَفْعِ الصَّحِيحَةِ، وَإِنَّمَا فِيهَا حُكُومَةٌ.
وَهَذَا نَاطِقٌ بِأَنَّهُمْ لَمْ يُلْحِقُوهَا بِالسِّنِّ الْأَصْلِيَّةِ الَّتِي هِيَ بَدَلٌ عَنْهَا وَإِذَا لَمْ يُلْحِقُوهَا بِهَا فِي حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ مَعَ بِنَائِهَا عَلَى الْمُضَايَقَةِ، فَأَوْلَى أَنْ لَا يُلْحِقُوا الْبَدَلَ فِي مَسْأَلَتِنَا بِالْأَصْلِيِّ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَلَيْهِ فَلَا يَجِبُ غَسْلُ مَا لَمْ يَنْبُتْ عَلَيْهِ لَحْمٌ وَلَا جِلْدٌ مِنْ أَنْفِ النَّقْدِ وَلَا أُنْمُلَتِهِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ وُصِلَ عَظْمُهُ بِعَظْمٍ نَجِسٍ بَلْ هَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّ غَسْلَ الطَّاهِرِ مَعْهُودٌ بِخِلَافِ غَسْلِ نَجِسِ الْعَيْنِ وَكَذَا لَوْ وَصَلَهُ بِعَظْمٍ طَاهِرٍ لَكِنْ لَا أَوْلَوِيَّةَ هُنَا بَلْ قَدْ يُدَّعَى عَدَمُ الْمُسَاوَاةِ، لِأَنَّ النَّقْدَ لَا يُشْبِهُ الْعُضْوَ الْمَفْقُودَ بِوَجْهٍ بِخِلَافِ الْعَظْمِ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ حَيَوَانٍ فَإِنَّهُ يُشْبِهُ الْعُضْوَ الْمَفْقُودَ، فَإِنْ قُلْت: سَلَّمْنَا عَدَمَ وُجُوبِ غَسْلِ الظَّاهِرِ مِنْ النَّقْدِ الْمَذْكُورِ فَمَا يُصْنَعُ فِيمَا سَتْرُهُ مِنْ مَحَلِّ الْقَطْعِ الَّذِي بَاشَرَهُ الْقَطْعُ فَظَهَرَ بِهِ، وَصَارَ ظَاهِرًا يَجِبُ غَسْلُهُ. قُلْت: إذَا اسْتَحْضَرْت أَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ خُشِيَ مِنْ إزَالَتِهِ مَحْذُورُ التَّيَمُّمِ ظَهَرَ لَك أَنَّ اللَّحْمَ أَوْ الْجِلْدَ بُنِيَ عَلَيْهِ إذْ لَا يُخْشَى ذَلِكَ الْمَحْذُورُ إلَّا حِينَئِذٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِذَا بُنِيَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَجَبَ غَسْلُ مَا اسْتَتَرَ مِنْهُ بِهِ دُونَ مَا عَدَاهُ كَمَا مَرَّ، وَبِفَرْضِ أَنَّهُ لَمْ يُبْنَ عَلَيْهِ شَيْءٌ هُوَ آيِلٌ إلَى الْبِنَاءِ عَلَيْهِ وَيَصِيرُ بَعْضُهُ إنْ لَمْ يَعُمَّهُ نَحْوُ اللَّحْمِ أَوْ كُلُّهُ إنْ عَمَّهُ عُضْوًا مَغْسُولًا، وَبِهَذَا فَارَقَ وُجُوبَ مَسْحِ الْجَبِيرَةِ بَدَلًا عَمَّا أَخَذْته مِنْ أَطْرَافِ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ آيِلَةً إلَى الْعُضْوِيَّةِ بَلْ هِيَ بِصَدَدِ الزَّوَالِ فَلَمْ يُنْتَظَرْ فِيهَا ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَسْحَهَا كَالْخُفِّ رُخْصَةً فَلَا تَجْرِي فِي غَيْرِهِمَا لِامْتِنَاعِ الْقِيَاسِ فِي الرُّخَصِ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ وَخَرَجَ بِقَوْلِي: (مَحَلُّ الْقَطْعِ الَّذِي ظَهَرَ بِهِ. .. إلَخْ) بَاطِنُ الْأَنْفِ الْمُسْتَتَرُ بِالْقَصَبَةِ وَالْمَارِنِ، فَهَذَا لَوْ فُرِضَ ظُهُورُهُ لَمْ يَجِبْ غَسْلُهُ عَمَلًا بِالْأَصْلِ فِيهِ وَهُوَ كَوْنُهُ بَاطِنًا، وَإِذَا لَمْ يَجِبْ غَسْلُهُ بِفَرْضِ ظُهُورِهِ فَمَا سَتَرَهُ مِنْ أَنْفِ النَّقْدِ أَوْلَى إذْ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَلَا يَأْتِي نَظِيرُ ذَلِكَ فِي الْأُنْمُلَةِ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ مَا ظَهَرَ يَجِبُ غَسْلُهُ، لِأَنَّهُ قَبْلَ الْقَطْعِ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لِتَعَذُّرِ ظُهُورِهِ، وَبَاطِنُ الْأَنْفِ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِالْبَاطِنِيَّةِ مَعَ تَأَتِّي غَسْلِهِ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ لَك الْفَرْقُ بَيْنَ إيجَابِهِمْ غَسْلَ مَا ظَهَرَ بِالْقَطْعِ دُونَ مَا كَانَ مُسْتَتَرًا بِالْقَصَبَةِ وَالْمَارِنِ، وَكَذَا بَاطِنُ الْفَمِ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ أَفْتَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجِبُ مَسْحُهُ كَالْجَبِيرَةِ مَعَ سَتْرِ كُلٍّ لِمَا يَجِبُ غَسْلُهُ، وَقَدْ عَلِمْت فَسَادَ الْقِيَاسِ سِيَّمَا مَعَ ظُهُورِ الْفَرْقِ الَّذِي ذَكَرْته عَلَى أَنَّهُ تَوَقَّفَ بَعْدَ ذَلِكَ فِيهَا بَحْثُهُ مِنْ وُجُوبِ الْمَسْحِ كَالْجَبِيرَةِ، ثُمَّ قَالَ: يَنْبَغِي إنْ الْتَحَمَ جَانِبُ الْأَنْفِ وَجَبَ غَسْلُ الْمُلْتَحِمِ، وَكَذَا بَقِيَّةُ أَنْفِ النَّقْدِ تَبَعًا قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ جَبَرَ عَظْمَهُ بِعَظْمٍ طَاهِرٍ فَالْتَحَمَ جَانِبَاهُ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ وُجُوبُ غَسْلِ الْجَمِيعِ وَقِيَاسًا عَلَى انْكِشَاطِ جِلْدَةِ الْعَضُدِ وَالْتِصَاقِهَا بِالسَّاعِدِ فَإِنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِ مَا يُحَاذِي الْفَرْضَ مِنْهَا مَعَ مَا تَحْتَهُ إنْ تَجَافَتْ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا كَوْنُ كُلٍّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute