للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْ كُرَّاثٍ أَوْ فُجْلٍ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ مَعَ كَرَاهَةِ دُخُولِهِ: فَقِيَاسُهُ أَنْ يَجُوزَ لَهُ مَنْعُ الْمُعَلِّمِ الْمَذْكُورِ إذَا وُجِدَ مِنْهُ مَا ذَكَرْنَاهُ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَلْ يَتَوَقَّفُ حُصُولُ السُّنَّةِ فِي نَحْوِ غُسْلِ الْجُمُعَةِ عَلَى غَسْلِ جَمِيعِ بَدَنِهِ كَغُسْلِ الْجَنَابَةِ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: نَعَمْ يَتَوَقَّفُ حُصُولُ السُّنَّةِ عَلَى غَسْلِ جَمِيعِهِ لَا صِحَّةَ الْغُسْلِ عَلَى ذَلِكَ فَلَوْ غَسَلَ بَعْضَهُ صَحَّ غُسْلُهُ، لَكِنْ لَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ حَتَّى يُكْمِلَ غَسْلَ الْبَاقِي مِنْهُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ عَلِمَ أَنَّ فِي الْحَمَّامِ مَنْ يَكْشِفُ عَوْرَتَهُ، فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ دُخُولُهُ وَيَجِبُ الْإِنْكَارُ أَوْ لَا؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: يَجُوزُ دُخُولُهُ فَإِنْ قَدَرَ أَنْكَرَ، وَإِلَّا كَرِهَ بِقَلْبِهِ وَأُثِيبَ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُنْكِرُ عَلَى مَنْ كَشَفَ السَّوْأَتَيْنِ دُونَ غَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ مَا لَمْ يَكُنْ فَاعِلُ ذَلِكَ يَعْتَقِدُ التَّحْرِيمَ كَذَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَنَقَلَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ وَأَقَرَّهُ، فَإِنْ قُلْت: هَذَا ظَاهِرٌ إنْ اُحْتُمِلَ تَقْلِيدُ الْعَارِي لِلْقَائِلِ بِالْحِلِّ بِخِلَافِ الْعَوَامّ الَّذِينَ لَا يُحْتَمَلُ فِيهِمْ ذَلِكَ. قُلْت: حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ اعْتِقَادُ التَّحْرِيمِ لَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا مُعْتَقِدٌ الْإِبَاحَةَ أَوْ لَيْسَ مُعْتَقِدًا تَحْرِيمًا وَلَا إبَاحَةً، وَالْحَالَةُ الْأُولَى وَاضِحَةٌ وَكَذَا الثَّانِيَةُ لِأَنَّ شُبْهَةَ الْخِلَافِ أَسْقَطَتْ وُجُوبَ الْإِنْكَارِ، بَلْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِنْ الشَّافِعِيَّةِ: مَنْ شَرِبَ النَّبِيذَ لَا يُفَسَّقُ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا بَلْ شَاذًّا وَلَيْسَ ذَلِكَ إلَّا لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ فِيهِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ هَلْ هُمَا سُنَّتَانِ فِي الْغُسْلِ مِنْ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ حَتَّى لَوْ أَتَى بِهِ مُجَرَّدًا عَنْ الْوُضُوءِ سُنَّ لَهُ الْإِتْيَانُ بِهِمَا، فَإِنْ قُلْتُمْ: لَا فَذَاكَ، وَإِنْ قُلْتُمْ: نَعَمْ.

فَهَلْ يُشْتَرَطُ فِي الِاعْتِدَادِ بِهِمَا أَنْ تُقَارِنَهُمَا نِيَّةُ الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ لِيَخْرُجَ مِنْ خِلَافِ مَنْ أَوْجَبَهُمَا أَمْ لَا؟ وَعَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِ الْمُقَارَنَةِ أَوْ عَدَمِهَا، فَهَلْ يَدْخُلَانِ فِي مَضْمَضَةِ الْوُضُوءِ وَاسْتِنْشَاقِهِ سَوَاءٌ قَدَّمَهُ أَوْ وَسَّطَهُ أَوْ أَخَّرَهُ إذْ لَا مَعْنَى لِتَوَالِي مَضْمَضَتَيْنِ وَاسْتِنْشَاقَيْنِ فِي طَهَارَةٍ وَاحِدَةٍ أَمْ لَا؟ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا سُنَّةٌ مَقْصُودَةٌ كَسُنَّةِ الْعِشَاءِ وَالْوِتْرِ مَثَلًا.

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: بِأَنَّ الْمَنْقُولَ الْمُعْتَمَدَ فَقَدْ جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَنَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ يُنْدَبُ فِي الْغُسْلِ الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ ثُمَّ الْوُضُوءُ كَامِلًا بِأَنْ يَأْتِيَ بِجَمِيعِ سُنَنِهِ، وَمِنْهَا التَّسْمِيَةُ وَمَا بَعْدَهَا كَالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ وَغَيْرِهِمَا، وَأَنَّهُ يُكْرَهُ تَرْكُ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ كُلًّا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، فَيُعِيدُ الثَّلَاثَةَ لَكِنْ نَدْبُ إعَادَةِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ آكَدُ، وَمِنْ ثَمَّ نَصَّ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى نَدْبِ إعَادَتِهِمَا وَسَكَتَ عَنْ إعَادَةِ الْوُضُوءِ وَوَجَّهَهُ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَصْحَابِ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِي وُجُوبِهِمَا كَانَ فِي زَمَنِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأَحَبَّ الْخُرُوجَ مِنْهُ بِخِلَافِ الْخِلَافِ فِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ؛ وَلِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ وَصَلَ مَوْضِعَ الْوُضُوءِ دُونَ مَوْضِعِهِمَا فَأَمَرَ بِإِيصَالِهِ إلَى مَحَلِّهِمَا، وَبِهَذَا يُعْلَمُ سُقُوطُ مَا فَهِمَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَنَّ حَاصِلَ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا يَأْتِي بِهِ وَيَأْتِي بِهِمَا.

وَشَرْطُ الِاعْتِدَادِ بِالثَّلَاثَةِ لِيُثَابَ عَلَيْهَا تَأَخُّرُهَا عَنْ نِيَّةِ نَحْوِ الْجَنَابَةِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَيُوَجَّهُ نَدْبُ طَلَبِ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ مُسْتَقِلَّيْنِ مَعَ اشْتِمَالِ الْوُضُوءِ الْمَنْدُوبِ عَلَيْهِمَا بِأَنَّ مَحَلَّهُمَا يَكْثُرُ فِيهِ الْأَذَى وَالْقَذَرُ فَطُلِبَ مَزِيدَ التَّنَظُّفِ فِيهِ بِتَكْرَارِ غَسْلِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ؛ وَلِذَا جَرَى خِلَافٌ فِي وُجُوبِهِمَا وَخِلَافٌ فِي وُجُوبِ الْوُضُوءِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِمَا وَلَمْ يَجْرِ نَظِيرُ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِمَا مِنْ الْأَعْضَاءِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنْ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ الْمُقْرِي فِي رَوْضِهِ: وَيَجِبُ قَرْنُهَا، أَيْ نِيَّةِ الْجَنَابَةِ بِأَوَّلِ فَرْضٍ وَفِي تَقْدِيمِهَا عَلَى السُّنَنِ وَعُزُوبِهَا مَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ، هَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ النِّيَّةَ مَحَلُّهَا عِنْدَ إفَاضَةِ الْمَاءِ عَلَى رَأْسِهِ حَتَّى يَكُونَ رَأْسُهُ كَالْوَجْهِ فَكَمَا لَا يَكْفِي اقْتِرَانُ النِّيَّةِ فِي الْوُضُوءِ بِسُنَّةٍ قَبْلَ الْوَجْهِ كَذَلِكَ، وَلَا يَكْفِي اقْتِرَانُهَا هُنَا بِسُنَّةٍ قَبْلَ الْإِفَاضَةِ كَغَسْلِ الْكَفَّيْنِ فِيمَا إذَا قَدَّمَ الْوُضُوءَ يَجِبُ عَلَيْهِ إعَادَةُ غَسْلِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ مَعَ سَائِرِ بَدَنِهِ، وَإِنْ غَسَلَهَا بِنِيَّةِ رَفْعِ الْجَنَابَةِ مَثَلًا فَيَكْتَفِي حِينَئِذٍ بِاقْتِرَانِهَا بِغَسْلِ الرَّأْسِ دُونَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، وَالْكُلُّ مَحَلٌّ لِلْحَدَثِ؛ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ تَحِلُّ جَمِيعَ الْبَدَنِ فَنَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ أَوْ مُرَادُهُ بِأَوَّلِ فَرْضٍ غَسْلُ جُزْءٍ مِنْ بَدَنِهِ وَلَوْ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَفِي تَقْدِيمِهَا عَلَى السُّنَنِ وَعُزُوبِهَا مَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ فَهُوَ مَتَى نَوَى عِنْد غَسْلِ الْكَفَّيْنِ كَفَى، فَلَا يَبْقَى

<<  <  ج: ص:  >  >>