للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي ذَلِكَ بَيِّنَةً عَادِلَةً تَشْهَدُ لَهَا بِذَلِكَ وَطَالَبَتْ الْوَصِيَّ وَالنَّاظِرَ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ وَمَا يَعْلَمَانِهِ مِمَّا سَمِعَاهُ مِنْ لَفْظِ وَلَدِهَا مِنْ التَّصْرِيحِ بِالتَّخْصِيصِ قَبْلَ الْإِقْرَارِ فَدَفَعَا لَهَا حِصَّتَهَا مِنْهَا فَهَلْ الدَّفْعُ الْمَذْكُورُ صَحِيحٌ سِيَّمَا وَالنَّاظِرُ حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ بِالْبَلَدِ إذْ ذَاكَ يَرَى بُطْلَانَ الْإِقْرَارِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ مِنْ الْمُقِرِّ مَا يُنَافِيهِ فَكَيْفَ.

وَقَدْ سَبَقَ مِنْهُ ذَلِكَ وَهَلْ ثُبُوتُهُ عَلَى يَدِ شَافِعِيٍّ مَانِعٌ لِلنَّاظِرِ مِنْ الدَّفْعِ إلَيْهَا وَمُقْتَضٍ لِإِثْمِهِمَا أَمْ لَا لِفِعْلِهِمَا مَا هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمَا عِنْدَهُمَا مَعَ أَنَّ الْوَلَدَ الْمُنْحَصِرَ الْإِرْثُ فِيهِ أَعْذَرَ بَعْدَ بُلُوغِهِ لِلْجَدَّةِ ثُمَّ تُوُفِّيَتْ وَرَجَعَ مَا أَخَذَتْهُ إلَيْهِ وَهَلْ الِاسْتِرْبَاحُ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ وَاجِبٌ عَلَيْهِمَا أَوْ لَا مَعَ أَنَّهُمَا لَمْ يَجِدَا أَمِينًا وَإِنْ وَجَدَاهُ فَأَنَّمَا يَأْخُذ الْمَالَ بِصُورَةٍ مُحَرَّمَةٍ إجْمَاعًا أَوْ عَلَى قَوْلٍ فَهَلْ يَسْتَرْبِحَانِ فِيهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ أَوْ لَا وَهَلْ تَرَكَهُمَا الِاسْتِرْبَاحَ لِهَذَا الْمَعْنَى جُنْحَةٌ فِيهِمَا أَمْ لَا وَهَلْ يَتَصَرَّفُ النَّاظِرُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ عَلَى مُقْتَضَى مَذْهَبِهِ أَمْ عَلَى مُقْتَضَى مَذْهَبِ صَاحِبِ الْمَالِ وَهَلْ قَالَ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِتَغْرِيمِ الْوَصِيِّ وَالنَّاظِرِ مَا صَرْفَاهُ عَلَى الْوَلَدِ مِنْ لَوَازِمِهِ الشَّرْعِيَّةِ وَزَكَاتِهِ الْوَاجِبَةِ حَيْثُ لَمْ يَسْتَرْبِحَا فِيهِ أَوْ لَا وَإِذَا فَعَلَا مَا هُوَ الْحَقُّ فَهَلْ لِحَاكِمٍ شَرْعِيٍّ تَعَرُّضٌ لَهُمَا بِعَزْلٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ لَا (الْجَوَابُ) إذَا ثَبَتَ وَلَوْ بِشَهَادَةِ الْوَصِيِّ وَالنَّاظِرِ لِقَبُولِ شَهَادَتِهِمَا عَلَى الْمَحْجُورِ قَوْلُ الْمُوصِي قَصْدِي أَخُصُّ بِمَا فِي مِلْكِي مِنْ كَذَا وَكَذَا وَلَدِي ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ حَالًا لِوَلَدِهِ كَانَ الْإِقْرَارُ بَاطِلًا فَقَدْ صَرَّحَ أَئِمَّتُنَا بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ دَارِي الْمَمْلُوكَةُ لِي لِزَيْدٍ كَانَ بَاطِلًا لِلتَّنَاقُضِ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ إخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مَلَّكَهُ حَالًا انْتَفَى الْإِقْرَارُ بِهِ أَمَّا لَوْ أَقَرَّ بِهِ بَعْدَ مُدَّةٍ يُمْكِنُ الِانْتِقَالُ فِيهَا لِلْوَلَدِ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ فَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا سَبَقَ مِنْهُ وَإِذَا بَطَلَ الْإِقْرَارُ بِشَرْطِهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ الشَّافِعِيُّ وَبَيْنَ أَنْ لَا يَحْكُمَ بِهِ وَمَعَ بُطْلَانِهِ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمَا الدَّفْعُ لِأَنَّهُ مَا يَخُصُّهَا مِنْ تِلْكَ الْأَعْيَانِ وَلَا عِبْرَةَ بِتَصْدِيقِهَا بِالصِّفَةِ الْمَذْكُورَةِ لِعُذْرِهَا فَهُوَ نَظِيرُ مَا لَوْ بَاعَ شَخْصٌ دَارًا وَأَقَرَّ ابْنُهُ بِأَنَّهَا مِلْكُ الْأَبِ الْبَائِعِ حَالَ الْبَيْعِ ثُمَّ ادَّعَى الِابْنُ أَنَّ الْأَبَ كَانَ وَقَفَهَا عَلَيْهِ وَأَنَّهُ جَهِلَ ذَلِكَ حِينَ إقْرَارِهِ بِالْمِلْكِ فَقَدْ نَقَلَ الْبَغَوِيّ عَنْ الْعَبَّادِيِّ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي دَعْوَاهُ هَذِهِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَيَجِبُ الْجَزْمُ بِهِ إذَا دَلَّتْ الْقَرَائِنُ عَلَى صِدْقِهِ كَأَنْ كَانَ طِفْلًا وَقْتَ الْوَقْف. اهـ.

وَهُوَ مُتَّجِهٌ وَقَوْلُ الْقَاضِي لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْمَذْكُورَةُ ضَعِيفٌ إذَا تَقَرَّرَ ذَلِكَ فَالدَّفْعُ الْمَذْكُورُ لِلْأُمِّ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا صَحِيحٌ لَا فِسْقَ فِيهِ وَلَا انْعِزَالَ لِوُجُوبِهِ عَلَيْهِمَا وَإِنْ حَكَمَ الشَّافِعِيُّ بِخِلَافِهِ لِأَنَّ وُجُودَ مَا مَرَّ الْمُقْتَضِي لِبُطْلَانِ الْإِقْرَارِ دَافِعٌ لِصِحَّةِ حُكْمِهِ عَلَى أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ ابْنِ الصَّلَاحِ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ النَّاظِرِ وَالْوَصِيِّ الْعَمَلَ بِعِلْمِهِ وَاعْتِقَادِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَفْتَى بِأَنَّهُ إذَا حَكَمَ حَاكِمٌ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ وَكَانَ مِمَّنْ يَرَاهُ جَازَ لِلشَّافِعِيِّ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِبَيْعٍ وَوَقْفٍ وَغَيْرِهِمَا كَسَائِرِ الْإِمْلَاك فِي الْبَاطِنِ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُغَيِّرُ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ قَالَ مَا مَعْنَاهُ وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْهُ فِي الظَّاهِرِ سِيَاسَةً شَرْعِيَّةً. اهـ.

وَأَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مُحَقِّقُونَ مِنْهُمْ الشَّرَفُ الْغَزِّيُّ فِي أَدَب الْقَضَاءِ وَشَيْخُنَا شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي مُخْتَصَرِهِ قَالَ وَيَلْحَقُ بِهَذَا مَا فِي مَعْنَاهُ. اهـ. فَإِنْ قُلْتَ هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الضَّعِيفِ إنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ حَيْثُ وُجِدَتْ شُرُوطُهُ إنَّمَا يَنْفُذُ ظَاهِرًا فَقَطْ أَمَّا عَلَى الصَّحِيحِ أَنَّهَا إذَا وُجِدَتْ نَفَذَ بَاطِنًا وَظَاهِرًا فَكَيْفَ يَجُوزُ لِلشَّافِعِيِّ مَا ذَكَرَهُ قُلْتُ هَذَا وَإِنْ كَانَ مُحْتَمَلًا إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ابْنَ الصَّلَاحِ وَمَنْ تَبِعَهُ لَمْ يَغْفُلُوا عَنْهُ بَلْ فَرَّعُوا مَا قَالُوهُ حَتَّى عَلَى الصَّحِيحِ أَنَّهُ يَنْفُذُ بَاطِنًا أَيْضًا وَمَعْنَى نُفُوذِهِ بَاطِنًا فِي الْمُخْتَلَف فِيهِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ بَاطِنًا أَيْضًا الْعَمَلُ بِقَضِيَّةِ ذَلِكَ الْحُكْمِ لَا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي مَسْأَلَتِنَا وَنَحْوِهَا لِأَنَّ الْوَقْفَ عَلَى النَّفْسِ عِنْدَ الْقَائِلِ بِصِحَّتِهِ لَا يُخَالِفُ الْمِلْكَ إلَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْفَوَائِدِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهِمَا لَا بِالنِّسْبَةِ لِاسْتِحْقَاقِ مَنْفَعَتِهِمَا فَلَمْ يَتَوَجَّهْ حُكْمُ الْحَنَفِيِّ بِالصِّحَّةِ إلَّا لِلْعَمَلِ بِتِلْكَ الْفَوَائِدِ وَبَيْنَ أَنْ يَخْرُجَ عَنْهَا وَيَفْعَلَ فِيهِ حُكْمُ الْأَمْلَاكِ هَذَا غَايَةُ مَا يَتَوَجَّهُ مِنْ كَلَامِ هَؤُلَاءِ وَلَا يَخْلُو عَنْ تَكَلُّفٍ وَبُعْدٍ فَالْأَوْجَهُ أَنَّ تِلْكَ مَقَالَةٌ مَبْنِيَّةٌ عَلَى ذَلِكَ الضَّعِيفِ وَعَلَى ضَعْفِهَا فَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ فِسْقِ النَّاظِرِ بِمَا فَعَلَهُ مِنْ الدَّفْعِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>