للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَقَالَ مَعَ مُخَاصَمَتِهِ لِلْمُدَّعِي هُوَ مِلْكُ بَائِعِي إلَى أَنْ اشْتَرَيْته مِنْهُ لَمْ يَضُرَّهُ ذَلِكَ فِي رُجُوعِهِ عَلَى بَائِعِهِ بِالثَّمَنِ فَإِنْ قَالَ الْمُكَاتَبُ أَرَدْت بِذَلِكَ عِتْقِي وَقَالَ السَّيِّد إنَّمَا أَرَدْت أَنَّك حُرٌّ أَوْ عَتَقْت بِمَا أَدَّيْت وَبِأَنَّ فَسَادَ الْأَدَاءِ صُدِّقَ السَّيِّدُ بِيَمِينِهِ لِلْقَرِينَةِ وَهِيَ إطْلَاقُ الْحُرِّيَّةِ عِنْدَ قَبْضِ النُّجُومِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ كَأَنْ قَالَ لَهُ ذَلِكَ لَا عِنْدَ قَبْضِ شَيْءٍ وَنَظِيرُ ذَلِكَ مَنْ قِيلَ لَهُ طَلَّقْت امْرَأَتَك فَقَالَ نَعَمْ طَلَّقْتُهَا ثُمَّ قَالَ ظَنَنْت أَنَّ مَا جَرَى طَلَاقٌ وَقَدْ أَفْتَانِي الْفُقَهَاءُ بِخِلَافِهِ وَقَالَتْ الزَّوْجَةُ بَلْ طَلَّقْتنِي فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِقَرِينَةٍ كَأَنْ تَخَاصَمَا فِي لَفْظَة أُطَلِّقُهَا فَقَالَ ذَلِكَ ثُمَّ ذَكَرَ التَّأْوِيلَ فَحِينَئِذٍ يُقْبَلُ وَهَذَا فِي الصُّورَتَيْنِ تَفْصِيلٌ لِلْإِمَامِ نَقَلَهُ عَنْهُ الشَّيْخَانِ وَقَالَ إنَّهُ قَوِيمٌ لَا بَأْسَ بِالْأَخْذِ بِهِ ثُمَّ قَالَ وَتَصْدِيقُهُ بِلَا قَرِينَةٍ عِنْدِي غَلَطٌ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ جَرَى بِالصَّرِيحِ فَقَبُولُ قَوْلِهِ فِي دَفْعِهِ مُحَالٌ وَأَطْلَقَ فِي الْوَسِيطِ فِي الْأُولَى تَصْدِيقَ السَّيِّدِ بِيَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ قَرِينَةٌ وَأَطْلَقَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ وَغَيْرُهُ فِيهِمَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَمَا فِي الْوَسِيطِ قَطَعَ بِهِ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ الْمَنْقُولُ فِيهِمَا. اهـ.

وَمَعَ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ فَهُوَ الْوَجْهُ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الْأَصْحَابِ لَوْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ ثُمَّ قَالَ كَانَ فَاسِدًا أَوْ أَقْرَرْت لِظَنِّي الصِّحَّةَ لَمْ يُقْبَلْ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ يُحْمَلُ عِنْدَ الْإِطْلَاق عَلَى الصَّحِيحِ وَلَا يُفَرَّقُ بِأَنَّ مَا هُنَاكَ لَمْ يُعَيِّنْ مُسْتَنَدَ ظَنّه بِخِلَافِهِ هُنَا؛ لِأَنَّ هَذَا لَا تَأْثِيرَ لَهُ إذْ الصَّرِيحُ لَا يَرْتَفِعُ بِظَنِّ خِلَافِهِ سَوَاءٌ بَيَّنَ لِظَنِّهِ مُسْتَنَدًا أَمْ لَا ثُمَّ إذَا تَأَمَّلْت مَا تَقَرَّرَ عَلِمْت أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا قَالَ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ قَدْ عَتَقْت فَنَظِيرُهُ فِي مَسْأَلَتنَا أَنْتَ بَرِيءٌ أَوْ قَدْ بَرِئْت فَيُقْبَلُ لِقَرِينَةِ الصُّلْحِ الْفَاسِدِ وَأَنَّهُ لَوْ قَالَ أَعْتَقْتُك عَتَقَ حَتَّى عَلَى كَلَامِ الْإِمَامِ وَالشَّيْخَيْنِ؛ لِأَنَّ الْقَرِينَةَ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِيهِ فَنَظِيرُهُ الْإِبْرَاءُ فِي أَبْرَأْتُك مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِلْقَرِينَةِ فِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ صُورَةِ اعْتِرَاضٍ عَلَيْهِ فِي فَتْوَى سَابِقَةٍ بِقَوْلِهِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ذَكَرْتُمْ فِي أَوَّلِ جَوَابِكُمْ السَّابِقِ لِلْمَالِكِ أَنْ يَحْفِرَ فِي مِلْكِهِ كَيْفَ شَاءَ وَلَهُ مُطَالَبَةُ جَارِهِ بِتَحْوِيلِ عُرُوقِهِ مِنْ أَرْضِهِ وَإِنْ امْتَنَعَ حَوَّلَهَا هُوَ فَإِنْ تَعَذَّرَ تَحْوِيلُهَا فَلَهُ قَطْعُهَا ثُمَّ ذَكَرْتُمْ فِي آخِرِ الْجَوَابِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ بِمَا يُخَالِفُ الْعَادَةَ إلَّا إذَا لَمْ يُؤَدِّ ذَلِكَ إلَى ضَرَرِ مِلْكِ الْجَارِ فَإِنْ أَدَّى إلَى ضَرَرِ مِلْكِ الْجَارِ ضَمِنَهُ وَالْحَالُ أَنَّ عَادَةَ أَهْلِ الْبِلَادِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا إذَا كَانَ يَتَضَرَّرُ مَالِك الْأَرْضِ مِنْ عُرُوقِ شَجَرِ الْجَارِ فِي أَرْضِهِ وَأَرَادَ مَالِك الْأَرْضِ إزَالَتَهَا إمَّا بِيَدِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ مَنَعُوهُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي مَصْلَحَتِهِ مَا يُؤَدِّي إلَى إتْلَافِ مِلْكِ الْغَيْرِ وَقَدْ قَالُوا لِكُلٍّ مِنْ الْمُلَّاكِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ عَلَى الْعَادَةِ فَإِنْ تَعَدَّى ضَمِنَ أَيْ مُخَالِفُ الْعَادَةِ وَقَالُوا إنْ تَصَرَّفَ بِمَا يَضُرُّ الْمِلْكَ فَلَهُ مَنْعُهُ وَإِنْ تَصَرَّفَ بِمَا يَضُرُّ الْمَالِكَ فَلَا مَنْعَ.

وَقَالُوا لَوْ فَعَلَ مَا الْغَالِبُ فِيهِ ظُهُورُ الْخَلَلِ فِي حِيطَانِ الْجَارِ كَدَقٍّ عَنِيفٍ يُزْعِجُ الْحِيطَانَ فَالْأَصَحُّ الْمَنْعُ وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ الْمَنْعَ مِنْ كُلِّ مُؤْذٍ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِهِ مُطْلَقًا؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الَّذِي يَتَحَرَّرُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا أَشَرْت إلَيْهِ فِي الْجَوَابِ الْأَوَّلِ بَلْ وَصَرَّحْت بِهِ أَنَّ الشَّخْصَ مَتَى تَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ بِمَا يُوَافِقُ الْعَادَةَ لَمْ يُمْنَعْ مُطْلَقًا وَمَتَى تَصَرَّفَ بِمَا يُخَالِفُهَا فَإِنْ أَضَرَّ بِالْمَالِكِ لَمْ يُمْنَعْ أَوْ بِالْمِلْكِ مِنْهُ وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ الْعُرُوقِ الْمَذْكُورَة أَمَّا هِيَ فَالْحُكْمُ فِيهَا مَا ذَكَرْته فِي الْجَوَابِ السَّابِقِ سَوَاءٌ اعْتَادَ أَهْلُ الْبَلَدِ إبْقَاءَهَا أَمْ قَطْعَهَا؛ لِأَنَّهَا شَاغِلَةٌ لِمِلْكِ الْغَيْرِ وَمَانِعَةٌ لَهُ مِنْ تَمَامِ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَالشَّخْصُ لَا يُلْزَمُ بِأَنْ يَتَحَمَّلَ الضَّرَرَ بِبَقَاءِ مَالِ الْغَيْرِ فِي مِلْكِهِ نَظَرًا إلَى إزَالَةِ ذَلِكَ الْمَالِ عَنْ الْمِلْكِ أَنْ يُتْلِفَهُ فَإِنَّ الضَّرَرَ لَا يُزَالُ بِالضَّرَرِ وَضَرَرُ صَاحِبِ الْأَرْضِ مُقَدَّمٌ عَلَى ضَرَرِ صَاحِبِ الشَّجَرِ؛ لِأَنَّهَا وُضِعَتْ أَوْ نَبَتَتْ فِي أَرْضِهِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَلَمْ يَكُنْ لِإِلْزَامِهِ بِبَقَائِهَا وَجْهٌ فَلَا تَلْتَبِسْ عَلَيْك هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِمَا قَبْلَهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(وَسُئِلَ) عَنْ رَجُلٍ فِي مِلْكِهِ شَجَرَةٌ وَعُرُوقُهَا فِي مِلْكِ رَجُلٍ آخَر فَارَاد الَّذِي فِي مِلْكِهِ عُرُوقُ الشَّجَرَةِ أَنْ يَقْطَعَهَا وَادَّعَى ضَرَرَهَا عَلَيْهِ فَمَنَعَهُ صَاحِبُ الشَّجَرَةِ وَقَالَ إذَا قَطَعْت عُرُوقَهَا فَسَدَتْ الشَّجَرَةُ فَمَا يَكُونُ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ؟

(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ يَجُوز لِمَالِكِ الْأَرْضِ قَطْعُ الْعُرُوقِ السَّارِيَةِ إلَيْهَا مِنْ مِلْكِ الْغَيْرِ وَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>