للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَاكِمُ عَنْهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ نَظِيرَ مَا مَرَّ، وَاَللَّهُ أَعْلَم بِالصَّوَابِ.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - عَنْ مَسْأَلَةِ الْفَقِيهِ أَحْمَدَ بْنِ مُوسَى بْن عُجَيْلٍ الْيَمَنِيِّ فِي فَتْوَاهُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ بَهِيمَةٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ يَنْتَفِعُ بِهَا أَحَدُهُمَا بِرِضَا مِنْ صَاحِبِهِ فَتَلِفَتْ فِي يَدِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ ضَمَانُ نَصِيبِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ عَارِيَّةٌ وَكَذَا وَلَدُهَا حُكْمُهُ حُكْمُ وَلَدِ الْمُسْتَعَارِ فَإِنْ كَانَ ثَمَّ مُهَايَأَةٌ كَانَ حُكْمُهُ فِي يَدِ هَذَا وَيَدِ هَذَا حُكْمَ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ فَلَا ضَمَانَ مَا صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ وَالسَّبَبُ الْمُوجِبُ لِضَمَانِ نَصِيبِ الْآخَرِ وَمَا صُورَةُ الْمُهَايَأَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي السُّؤَال؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ مَا ذُكِرَ عَنْ ابْنِ عُجَيْلٍ مِنْ ضَمَانِ نَصِيبِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ عَارِيَّةٌ وَمِنْ أَنَّ وَلَدَهَا كَوَلَدِ الْمُسْتَعَارِ صَحِيحٌ وَحُكْمُ وَلَدِ الْعَارِيَّةِ أَنَّهُ إنْ حَدَثَ بِيَدِ الْمُسْتَعِيرِ كَانَ أَمَانَةً شَرْعِيَّةً وَكَذَا لَوْ سَاقَهَا فَتَبِعَهَا وَلَدهَا الَّذِي وَلَدَتْهُ قَبْلَ الْعَارِيَّةِ وَعَلِمَ بِهِ الْمَالِك فَسَكَتَ فَيَكُون تَحْت يَده أَمَانَة شَرْعِيَّة أَيْضًا فَإِنْ تَلِفَ بِتَقْصِيرِهِ ضَمِنَهُ وَإِلَّا فَلَا وَمَا ذَكَره فِي مَسْأَلَة الْمُهَايَأَة مَبْنِيّ عَلَى أَنَّ الْمُهَايَأَة هَلْ هِيَ إجَارَة أَوْ عَارِيَّةٌ فِيهِ خِلَاف وَقَضِيَّة تَجْوِيزهمْ الرُّجُوع فِيهَا أَنَّهَا عَارِيَّة وَقَضِيَّة قَوْلهمْ لَوْ تَهَايَئَا فَرَجَعَ السَّابِقُ بَعْدَ أَنْ اسْتَوْفَى الْمَنْفَعَة لَزِمَهُ لِصَاحِبِهِ أُجْرَة مِثْل الْمَنْفَعَة الَّتِي اسْتَوْفَاهَا أَنَّهَا إجَارَة وَاَلَّذِي يَظْهَر تَرْجِيحُهُ أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا إجَارَةٌ مَحْضَةٌ وَلَا عَارِيَّة مَحْضَة بَلْ فِيهَا شَائِبَة مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لَكِنَّ شَائِبَة الْإِجَارَة أَظْهَر؛ لِأَنَّ وَضْعَهَا اسْتِيفَاء مَنْفَعَة فِي مُقَابَلَة مَنْفَعَة إذْ صُورَتهَا أَنْ تَكُونَ بَيْنَ اثْنَيْنِ مَثَلًا عَيْن مُشْتَرَكَة فَيَتَّفِقَانِ عَلَى قِسْمَة مَنَافِعهَا مُيَاوَمَة أَوْ مُشَاهَرَة أَوْ مُسَانَهَة بِأَنْ تَكُونَ عِنْدَ أَحَدِهِمَا زَمَنًا مُعَيَّنًا وَعِنْدَ الْآخَرِ زَمَنًا كَذَلِكَ

فَإِذَا تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ جَازَ وَكَانَ فِي مَعْنَى الْإِجَارَة؛ لِأَنَّ الْمَنَافِع الْمُسْتَوْفَاة ضِمْنًا لَمْ تَكُنْ فِي غَيْر مُقَابِل وَإِنَّمَا مَنَافِع كُلّ مُقَابِلَة لِمَنَافِع الْآخَر وَهَذَا شَأْن الْإِجَارَة وَوَضَعَهَا دُون الْعَارِيَّة فَظَهَر أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا مَعْنَى الْإِجَارَة وَإِذَا غَلَبَ فِيهَا ذَلِكَ كَانَ حُكْم مَا فِي يَد أَحَدهمَا مُدَّة الْمُهَايَأَة حُكْم الْمُؤَجَّرَة وَهُوَ الْأَمَانَة فَمَنْ تَلِفَ عِنْده مِنْهُمَا بِغَيْرِ تَفْرِيط لَا يَضْمَنُهَا فَظَهَرَ بِمَا قَرَّرْته صِحَّةُ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ ابْنُ عُجَيْلٍ أَعَادَ اللَّهُ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِهِ وَصَالِحِ مُعَامَلَاتِهِ، وَاَللَّه أَعْلَم.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي شَخْصٍ قَالَ لِجَمَاعَةٍ أَعِينُونِي بِأَثْوَارِكُمْ بُكْرَةً لِلْحَرْثِ وَالْعَادَةُ أَنَّ مُعِيرَ الْأَثْوَارِ يَحْرُثُ عَلَيْهَا بِنَفْسِهِ أَوْ أَجِيرِهِ أَوْ عَبْدِهِ فَسَرَحُوا مَعَهُ بُكْرَةً فَأَحَدُ الْجَمَاعَةِ يَحْرُثُ عَلَى ثَوْرَيْهِ بِنَفْسِهِ وَالثَّانِي حَرَثَ عَلَى ثَوْرَيْهِ عَبْدُهُ وَالثَّالِث أَجِيرُهُ وَالرَّابِعُ مُشْتَرِكٌ هُوَ وَآخَرُ فِي الثَّوْرَيْنِ وَآلَةِ الْحِرَاثَةِ وَفِي أُجْرَةِ الْأَجِيرِ كَذَلِكَ فَأَمَرَ الْأَجِيرَ يَحْرُثُ عَلَيْهِمَا فِي حَوْلِ الْمُسْتَعِيرِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَحَرَثُوا إلَى نَحْوِ رُبْعِ النَّهَارِ فَجَاءَ مُتَلَصِّصُونَ أَخَذُوا بَعْضَ الْأَثْوَارِ وَأَتْلَفُوا الْبَعْضَ وَقَتَلُوا الْحَرَّاثِينَ جَمِيعًا وَأَخَذُوا آلَةَ الْحِرَاثَةِ وَالدَّوَابَّ الَّتِي تَحْمِلُهَا مَا الْحُكْمُ؟

(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - الْحُكْمُ فِي صُورَةِ الْأَثْوَارِ أَنَّ عَلَى الْآمِرِ لِمَالِكِهَا بِإِعَانَتِهِ بِهَا فِي أَرْضِهِ ضَمَانَهَا وَضَمَانَ جَمِيعِ مَا اسْتَعَارَهُ مِنْ آلَةِ الْحَرْثِ وَغَيْرِهَا وَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْعَبْدَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِمَالِكِهِ أَعْنِي بِثَوْرِك لَا يَسْتَلْزِمُ اسْتِعَارَةَ الْعَبْدِ لِمَا ذُكِرَ فِي السُّؤَالِ مِنْ أَنَّ الْحُرَّاثَ تَارَةً يَكُونُ الْمَالِك وَتَارَةً يَكُونُ أَجِيرَهُ أَوْ عَبْدَهُ فَلَمْ يَتَعَيَّنْ الْعَبْدُ وَإِذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَعَارًا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَهُ أَعْنِي بِثَوْرِك وَعَبْدِك فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الثَّوْرِ وَالْعَبْدِ مُسْتَعَارٌ حِينَئِذٍ وَوَاضِحٌ أَنَّ الرَّابِعَ يَضْمَنُ أَيْضًا حِصَّةَ شَرِيكِهِ فِي الثَّوْرَيْنِ وَالْآلَةِ الْمُشْتَرَكَةِ لِتَعَدِّيهِ بِاسْتِعْمَالِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ فِيمَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ وَقَرَارُ الضَّمَانِ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم.

(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّنْ شَرِبَ مِنْ سِقَايَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَانْكَسَرَ مِنْهُ كُوزُهَا أَوْ انْكَسَرَ مِنْهُ قِنْدِيلُ الْمَسْجِدِ أَوْ أَخَذَ كُوزًا مِنْ سِقَاءٍ لِيَشْرَبَ مِنْهُ فَانْكَسَرَ أَوْ اسْتَعَارَ قِنْدِيلًا مُسْرَجًا أَوْ دَوَاةً فَانْكَسَرَا أَوْ شَمْعَةً لِيُقِدْهَا أَوْ انْكَسَرَ إنَاءٌ مِنْ بَعْضِ الضُّيُوفِ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَى مَنْ أَعْيَا بِرُكُوبِ دَابَّتِهِ فَمَاتَتْ تَحْتَهُ أَوْ اسْتَعْمَلَ ظَرْفَ الْهَدِيَّةِ فَهَلْ يَضْمَنُ فِي كُلِّ ذَلِكَ أَمْ فِي بَعْضِهِ أَمْ لَا يَضْمَنُ فِي كُلِّهِ؟

(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلٌ أَمَّا الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ فَإِنْ كَانَتْ الْكِيزَانُ أَوْ الْقَنَادِيلُ الَّتِي لِلِاسْتِصْبَاحِ دُونَ غَيْرِهَا فَإِنَّهَا تُضْمَنُ مُطْلَقًا وُقِفَتْ عَلَى الشَّارِبِينَ أَوْ شُرِيَتْ مِنْ رُبْعِ الْوَقْفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>