جِنْسٍ عَلَيْهِ أَيْسَرُ اهـ.
فَعُلِمَ أَنَّ النِّزَاعَ فِي كَوْنِ الشِّرَاءِ الْمَذْكُورِ فِي السُّؤَالِ بِعَشَرَةٍ لَا فَائِدَةَ لَهُ بَلْ مَهْمَا أَثْبَتَهُ الشَّفِيعُ مِنْ أَيِّ الْأَثْمَانِ شَاءَ أَخَذَ بِهِ وَوَاضِحٌ أَنَّ إقْرَارَ أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ أَنَّهُ اشْتَرَى بِكَذَا إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي حَقِّهِ فَقَطْ أَوْ أَنَّ الْمُشْتَرِي مِنْهُ أَوْ الْبَائِعَ لَهُ إنَّمَا كَانَ شِرَاؤُهُ بِكَذَا لَا عِبْرَةَ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الشِّقْصُ بِيَدِهِ وَإِنَّمَا يُؤَاخَذُ كُلٌّ بِإِقْرَارِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِشِرَائِهِ فَقَطْ.
(وَسُئِلَ) عَمَّا إذَا وَكَّلَتْ امْرَأَةٌ زَيْدًا فِي طَلَبِ الشُّفْعَةِ مِنْ عَمْرٍو فَلَمْ يُبَادِرْ الْمُوَكَّلُ بِالشُّفْعَةِ بِأَنْ حَضَرَ مَجْلِسَ الْقَاضِي وَمَضَى عَلَيْهِ زَمَنٌ يُمْكِنُهُ الشُّفْعَةُ فِيهِ فَهَلْ هَذَا يُسْقِطُ شُفْعَةَ مُوَكِّلَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُبَادَرَةَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمُوَكِّلَةِ وَالْوَكِيلِ.
وَإِذَا قُلْتُمْ بِسُقُوطِ الشُّفْعَةِ بِذَلِكَ فَادَّعَى الْوَكِيل الطَّلَبَ مِنْ الْقَاضِي وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الطَّلَبَ وَوَافَقَهُ الْقَاضِي عَلَى عَدَمِ الطَّلَبِ فَأَرَادَ الْوَكِيلُ إقَامَة بَيِّنَةٍ عَلَى الطَّلَبِ مِنْ الْقَاضِي وَسَمَاعُهُ لِلطَّلَبِ هَلْ لَهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ أَمْ لَا وَلَا سِيَّمَا بَعْدَ حُكْمِ الْقَاضِي بِسُقُوطِ الشُّفْعَةِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: إذَا تَرَاخَى الْوَكِيلُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَلْجَأَ إلَى ذَلِكَ كَأَنْ حَضَرَ مَجْلِسَ الْقَاضِي وَلَمْ يُبَادِرْ بَطَلَتْ الشُّفْعَةُ لِمُوَكِّلِهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ لَهُ مُسْقِطٍ لِشُفْعَةِ مُوَكِّلِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ حَتَّى فِي الْمُخْتَصَرَاتِ وَإِذْ ادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّهُ بَادَرَ بِالطَّلَبِ مِنْ الْقَاضِي وَأَقَامَ بِذَلِكَ بَيِّنَةً لَمْ تَسْقُطْ شُفْعَةُ مُوَكِّلِهِ وَلَا عِبْرَةَ حِينَئِذٍ بِقَوْلِ الْقَاضِي وَلَا بِحُكْمِهِ النَّاشِئِ عَنْ عِلْمِهِ أَوْ عَنْ بَيِّنَةٍ أُخْرَى أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ مَحَلَّ الْحُكْم بِالْعِلْمِ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ تُخَالِفُهُ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ بَيِّنَةَ الْإِثْبَاتِ وَهِيَ بَيِّنَةُ الْوَكِيلِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى بَيِّنَةِ النَّفْيِ وَإِنْ كَانَ مَعَهَا حُكْمٌ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي لَيْسَ مِنْ الْمُرَجَّحَاتِ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ فَإِنْ فَرَضَ حَصْرُ بَيِّنَةِ النَّفْيِ لَهُ بِأَنْ أَثْبَتَتْ بَيِّنَةُ الْوَكِيلِ طَلَبَهُ فِي مَجْلِسٍ مَحْصُورٍ وَنَفَتْهُ بَيِّنَةُ خَصْمِهِ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ تَعَارَضَتْنَا فَيَتَسَاقَطَانِ وَيَصْدُقُ الشَّفِيعُ بِيَمِينِهِ فِي عَدَمِ تَقْصِيرِهِ فِي الطَّلَبِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ نَعَمْ لِلْحَاكِمِ هُنَا الْحُكْمُ بِعِلْمِهِ لِسُقُوطِ حَقِّهِ لَكِنْ إنْ كَانَ ثِقَةً أَمِينًا عَلَى الْأَوْجَهِ وَمِمَّا صَرَّحُوا بِهِ أَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ الطَّلَبَ، ثُمَّ اعْتَذَرَ بِنَحْوِ مَرَضٍ أَوْ مَطَرٍ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي صُدِّقَ الطَّالِبُ بِيَمِينِهِ إنْ عَرَفَ مِنْهُ ذَلِكَ وَإِلَّا فَالْمُشْتَرِي.
(وَسُئِلَ) عَمَّا إذَا مَاتَ زَيْدٌ وَخَلَّفَ وَرَثَةً مَثَلًا ثُمَّ مَاتَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَوَرِثَهُ الْبَاقُونَ فَادَّعَى عَلَى الْبَاقِي مِنْ الْوَرَثَةِ اشْتِرَاءَ شِقْصٍ مِنْ الْوَارِثِ الْمَيِّتِ فَأَنْكَرَ أَحَدُ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ الِاشْتِرَاءَ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي حُجَّةً عَلَى ذَلِكَ فَأَرَادَ الْمُنْكِرُ الشُّفْعَةَ بَعْدَ الْإِنْكَارِ فَهَلْ لَهُ الشُّفْعَةُ أَمْ لَا أَمْ يُفَرَّقُ بَيْنَ تَخْصِيصِ الْإِنْكَار بِحِصَّتِهِ وَعَدَمِ تَخْصِيصِهِ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ مَا فِي الصُّلْحِ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْإِرْشَادِ وَشَفْعُ مُنْكِر خَصَّصَ أَمْ لَا يَرْجِعُ إلَى التَّخْصِيصِ وَعَدَمِهِ بَلْ إلَى إنْكَارِهِ أَصْلَ الشَّرِكَةِ مُطْلَقًا فَلَا شُفْعَةَ وَبَيْنَ إنْكَارِ الشِّرَاءِ فَيَشْفَعُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ إنْكَارِ الشَّرِكَةِ إنْكَارُ مُطْلَقِ الشَّرِكَةِ؟
(فَأَجَابَ) بِقَوْلِهِ: لَا شُفْعَةَ لِلْمُنْكِرِ هُنَا مُطْلَقًا لِزَعْمِهِ بُطْلَانَ الْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ الْآخِذُ بِالشُّفْعَةِ.
إذْ فَرْضُ السُّؤَالِ أَنَّهُ لَمَّا ادَّعَى الشِّرَاءَ مِنْ الْمَيِّتِ قَالَ لَهُ أَحَدُ وَرَثَتِهِ لَمْ تَشْتَرِ مِنْهُ شَيْئًا فَإِذَا ثَبَتَ الشِّرَاءُ مِنْهُ لَمْ يَشْفَعْ ذَلِكَ الْمُنْكِرُ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّهُ أَنْكَرَ أَصْلَ الْبَيْعِ الْمُسْتَلْزِمِ لِإِنْكَارِهِ اسْتِحْقَاقَهُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ.
وَلَيْسَ هَذَا نَظِيرُ مَسْأَلَتِهِمْ الْمَذْكُورَةِ فِي الصُّلْحِ؛ لِأَنَّ صُورَتَهَا أَنَّ الْمُدَّعِيَ ادَّعَى جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي فِي يَدِ اثْنَيْنِ فَفَصَّلْنَا فِيمَنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ بَيْنَ أَنْ يُنْكِرَ مِلْكَهُ لِحِصَّتِهِ فَقَطْ فَيَشْفَعَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ حِينَئِذٍ بُطْلَانَ الْبَيْعِ الَّذِي تَضَمَّنَهُ الصُّلْحُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ بَلْ قَضِيَّةُ تَخْصِيصِهِ الْإِنْكَارَ بِمَا بِيَدِهِ فَقَطْ اعْتِرَافُهُ بِصِحَّةِ مِلْكِ الْمُقَرِّ لَهُ وَذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ اعْتِرَافَهُ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ فَجَازَ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ وَبَيْنَ أَنْ يُعَمِّمَ إنْكَارَهُ لِمِلْكِ شَيْءٍ مِنْ الدَّارِ الْمُدَّعَى بِهَا فَحِينَئِذٍ إذَا صَالَحَ الْمُقَرَّ لَهُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُنْكِرِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِاعْتِرَافِهِ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ الْمَذْكُورِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَقَدْ ذَكَرْت فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَنَّ قَضِيَّةَ كَلَامِ مُصَنِّفِهِ فِي شَرْحِهِ أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ لَوْ بَاعَ النَّصِيب لِأَجْنَبِيٍّ غَيْرِ الْمُقِرِّ لَا يَأْخُذُهُ الْمُنْكِرُ بِالشُّفْعَةِ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ أَيْ: لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى اعْتِرَافِ الشَّرِيكِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ فَيَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ أَوْ بِبُطْلَانِهِ فَلَا يَأْخُذُ بِهَا فَإِنْ قُلْت يُشْكِلُ عَلَى مَا ذَكَرْت قَوْلُهُمْ لَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَرْصَة مُشْتَرَكَة فَادَّعَى أَجْنَبِيٌّ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا وَشَهِدَ لَهُ الْآخَرُ فَرُدَّتْ شَهَادَتُهُ