فالحاصلُ: أنه لا يلزمُ مِن نَفْي الإدراكِ نَفْي الرؤية، بل هو دَليلٌ على ثُبوتِ الرُّؤَيةِ؛ ولهذا استدَلَّ أهلُ السُّنَّةِ والجماعةِ بهذه الآية على ثُبوتِ الرُّؤَيةِ.
أما الكفَّارُ فإنهم لا يَرَونَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يومَ القِيامَةِ، والذي يستدل بقوله تعالى:{يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ}[الانشقاق: ٦]، نقول: قد دلَّ قوله تعالى: {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ}[المطففين: ١٥]، على أن الكافِرَ لا يَرى اللَّه تعالى يومَ القِيامَةِ.
الفَائِدةُ الخامِسَةُ: وجوبُ الإيمانِ بلقاءِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ؛ لأنَّ اللَّه تعالى عاقَبَ الذينَ لا يؤمِنونَ بذلك باليأسِ مِن رَحمَتِهِ.
الفَائِدةُ السَّادسَة: ثبوتُ الرَّحمةِ للَّه جَلَّ وَعَلَا؛ لقَولِهِ:{أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي}، والإضافةُ هنا إن قلنا: إن المرادَ بالرَّحمةِ الجنَّةَ، فهي من بابِ إضافَةِ المخْلوقِ إلى خالِقِهِ تَشْرِيفًا وتَكْريمًا، وإذا قُلنَا: إنها صفةٌ من صفاتِ اللَّه، فهي من بابِ إضافَةِ الصفةِ إلى مَوْصوفِها.
والمضافُ إلى اللَّه تعالى نوعان: إما أعيانٌ وإما أَوْصافٌ، والأعيانُ إما أن تكونَ إضافَتُهَا إلى اللَّه على سبيلِ العُمومِ أو على سبيلِ الخُصوصِ.
فالأولُ الذي يُضافُ إلى اللَّه على سبيلِ العُمومِ: يرادُ به أن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ خالقٌ لهذا الشيءِ، كما في قوله عَزَّ وَجَلَّ:{وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ}[الجاثية: ١٣]، وهذا يَشْمَلُ كلَّ ما في السمواتِ والأرضِ، وإما أن يكون خاصًّا يُرادُ به التَّشْرِيفُ والتكريم، مثل:{نَاقَةُ اللَّهِ} و (بيتُ اللَّهِ) و {مَسَاجِدَ اللَّهِ} وما أشبه ذلك.
أما إذا كان المضافُ إلى اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَصْفًا لا يقومُ بغَيْرِهِ فإنه يكونُ صِفَةً