للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلى وَجْهِ الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرُكِ" (١).

فهلِ المرادُ بالأرض في الحديثِ عامَّةُ الأرض أم ماذا؟

الجواب: قوله: [فِي الأرْضِ] ليس المرادُ عامَّة الأرضِ، بل الصَّحيح أن المرادَ أرضُ مصر؛ لأنَّ إبراهيم عَلَيْهِ السَّلَامُ قال هذا في مَصرَ لا في الشَّامِ.

قَال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ} فِي مُلكِهِ، {الْحَكِيمُ} فِي صُنْعِهِ]: هكذا يجْرِي المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ في تفسيرِ هذين الاسْمينِ فيقولُ: العزيزُ في مُلكِهِ الحكِيمُ في صُنعِهِ، وهذا فيه شيءٌ مِنَ القُصورِ، فاللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عزيز بذَاتِهِ وبصِفاتِهِ، وعزَّتُه ثلاثةُ أنواعٍ: عِزَّة القَدْر، وعزة القَهْرِ، وعزَّة الامتِنَاعِ.

أما عِزَّةُ الامتِناعِ فمعناها: أنه يمْتَنِعُ أن ينَالَه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نقْصٌ في جميعِ صِفاتِهِ وأفعالِه.

وأما عِزَّةُ القَدْرِ: فهي المنْزلِةُ والجَلالةُ والعظَمةُ.

وأما عِزَّةُ القَهْرِ: فهي القُوَّةُ والسُّلطانُ، فهو الغالِبُ، ولهذا فسَّرَها كَثيرٌ مِنَ العُلماءِ بأنه الغَالبُ، وكذلك لا أحدَ ينَالُهُ بسُوءٍ، وكذلك لا ينَالُه نَقْصٌ في صِفاتِهِ.

وأصلُ هذه المادة وهي العَيْن والزَّاي تدُلُّ على القوَّةِ، ومنه قولهُمْ للأرضِ الصَّلْبَةِ: أرض عَزازٌ (٢)، يعني: قَويَّةً صلْبةً، وقوله رَحِمَهُ اللَّهُ: [{الْحَكِيمُ} فِي صُنعِهِ] فيه قُصورٌ؛ لأن حِكمةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لا تختَصُّ بصُنعِهِ في خَلقِهِ، بل هي في صُنعِهِ وشَرعِهِ، فهو حكيمٌ بما صنَعَ حَكيمٌ فيما شرعَ.


(١) أخرجه البخاري: كتاب الأنبياء، باب قول اللَّه تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}، رقم (٣١٧٩).
(٢) لسان العرب، مادة (عزز).

<<  <   >  >>