للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بنَفْسِ القلْبِ أو أَسْوأ، لكن العبادات إذا لم تُؤَثِّرْ على قلبكَ حُسْنَى فهي ضَرَرٌ، فالذي لا تنْفَعُه الآياتُ تَضَرُّهُ كما قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "القُرآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ" (١)، وكذلك جاءَ عنِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ لَمْ تَنْهَهُ صَلَاتُهُ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ لَمْ يَزدَدْ مِنَ اللَّهِ إِلَّا بُعْدًا" (٢).

وهذه المسألةُ ما أكثرَ مَنْ يُعانِي منها من المسلمين، يقولُ الواحِدُ منهم: أنا لا أتَأَثَّرُ بالصلاةِ ولا يحْضُر قَلْبِي ولا يخْشَعُ، فما هُو الدَّواءُ؟

ثم إنَّ بعضَ الناس يشُكُّ في خبرِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، فيقول: أنا أُصَلِّي ولا تَنْهَانِي الصلاة عنِ الفحشاء والمنْكرِ، أصلِّي مع الجماعةِ في الصَّفِّ الأوَّلِ خلفَ الإمامِ، ثم أخْرُجُ إلى مَتْجَرِي وأبيعُ بالرِّبا وأَغُشُّ وأبيعُ بالكَذِبِ، وأجدُ في نَفْسي غلًّا وحِقدًا على المسلمين، وكَراهَةٌ لبَعْضِ شرعِ اللَّه وما أشْبَه ذلك! ويقول: أين الصَّلَاةُ التي تنْهَانَا عَنِ الفَحشاءِ والمنْكَرِ؟

نقول: إن على كُلِّ مؤمنٍ أن يَعْلمَ عِلْمَ التقِينِ أن الصلاةَ تنْهَى عَنِ الفَحشاءِ والمنْكرِ؛ لأن خَبَرَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ صِدْقٌ، واللَّه عَزَّ وَجَلَّ عالم بكُلِّ شيءٍ، وهو -سبحانه- قال ذَلِكَ عن علمٍ، إذْنَ فالبَلاءُ في المصَلِّي لا في الصلاةِ.

قَال المُفَسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} أكْبَرُ من غَيرهِ من الطَّاعاتِ]: (اللام) في قولِهِ: {وَلَذِكْرُ اللَّهِ} لامُ الابتداءِ وقوله: (ذِكْرُ) مصدر مُضَافٌ إلى اسم اللَّه جَلَّ وَعَلَا، فهو مُضافٌ إلى مَفعولِهِ، وإعرابُ هذه الجملةِ:

{وَلَذِكْرُ}: (اللام) لامُ الابتداءِ، و (ذِكر): مبتدأ مرفوعٌ وعلامَةُ رَفعِهِ الضَّمَّةُ، وهو مضافٌ، والاسم الكريمُ مضافٌ إِلَيْهِ.


(١) أخرجه مسلم: كتاب الطهارة، باب فضل الوضوء، رقم (٢٢٣).
(٢) أخرجه الطبراني في الكبير (١١/ ٥٤) (١١٠٢٥) عن ابن عباس.

<<  <   >  >>