لكننا نؤمن بأن ما نُزِّلَ إليهم من عندَ اللَّه وأنه حَقٌّ، وأنه يجِبُ عليهم اتِّباعُه في حالِ قيامِهِ وعدمِ نَسْخِهِ.
وقوله: بما {أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} مِنَ اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لأن جميعَ الكُتبِ المنزَّلةِ على الأنبياء من اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.
قوله عَزَّ وَجَلَّ:{وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ}، أي: معبودُنَا؛ لأن (إله) بمَعنى مألُوهٍ، وصيغة فِعَالٍ بمعنى مَفعُولٍ كثيرة في اللغة العربية، فالمأْلُوه بمعنى المعبُودُ، والإله يُطْلَقُ على المعبودِ بحَقٍّ وعلى المعبودِ بغيرِ حَقٍّ؛ لكَن اللَّهَ وحْدَهُ هو المعبودُ بحَقٍّ، وما عَدَاه فمعبودٌ بالباطِلِ، قال اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ}[الحج: ٦٢]، فهذه الأصنَامُ تُسَمَّى آلهة لكن أُلُوهِيّتَها باطلةٌ شَرْعًا، ولهذا صحَّ النَّفْي في قوله:(لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه)، فهذا النَّفْي لا يعْني أنه لا يوجَدُ آلهة في الكونِ إلا اللَّهُ، بل يوجَدُ آلهة لكن ألوهِيَّتَها باطلةٌ، فما عدا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فألوهيَّتُهُ باطِلَةٌ، ولذا فهي لا تُسَمَّى آلهة حقًّا، بل آلهة باطلة، وقد سمَّاها اللَّه عَزَّ وَجَلَّ آلهة وسمَّاها الرسلُ كذلك؛ لكنها آلهة باطلة.
لو قال قائل: قولنا: (لَا إِلَهَ إلَّا اللَّه)، لماذا لا نَقُدِّر الخبر بـ (موجود) ونجعل تلكَ الآلهة مجرَّد أسماء؟
الجواب: لا يصِحُّ هذا التقدير، وقد قدَّرَهُ بعْضُهم فقال: إن التقديرَ: لا إله مَوجُودٌ، لكن لو قَدَّرْنَا هذا التقديرَ لاحتَّجَّ المشركونَ علينا، وقالوا: إِذَا كُنْتُم تقولون: هذه ليست آلهة فلَسْنَا بمُشْرِكينَ؛ لأننا ما عَبَدْنَا إلهًا.
فالصواب: أن نقَدِّرَ: لا إله حق إلا اللَّه، وهذا صَريحُ القُرآنِ، فاللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سمَّاها آلهة فقال تعالى:{وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ}[القصص: ٨٨]، سمَّاها إلهًا،