فالسلفُ -رحمهم اللَّه- يُضِيفُونَ بعضَ الكَلماتِ لدَفْعِ تَوَهُّمِ الباطِلِ، كما أنهم يَسْكُتونَ عن بعضِ الكَلماتِ خَوْفًا مِنْ توَهُّمِ الباطلِ.
وقد ذكرَ شيخُ الإسلامِ أن مسألةَ الذاتِ لم ترِدْ في لسانِ العربِ العُرباءِ (١)، لكنها عبارةٌ صَحِيحَةٌ فجوَّزَ الإخبارَ بها عنِ اللَّه، ولكن لا نجْعَلُها من أسماءِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، كما يجوزُ أن تقول:(إن اللَّه موجودٌ)، والموجود ليس من أسماءِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، لكن من المعلومِ أنه لا بُدَّ مِنَ الإقرارِ بأن اللَّه مَوجودٌ، فنُخْبِرُ عنِ اللَّه بأنه موجودٌ وفي أسماءِ اللَّه ما يُغْنِي عنها، مثل الحيِّ الذي لا يَمُوتُ.
وكذلك (القديم) يَصِحُّ أن تُخْبِرَ عنه بأنه قَديمٌ، والمراد بالقديمِ ما لا أَوَّلَ له، لكن لا يجوزُ أن تجْعَلَ القَديمَ اسمًا من أسماءِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ، خِلافًا لبعضِ المتأخِّرِينَ الذين جعلوا أخصَّ أوصَافِهِ أنه قديم، وهذا ليس بصحيحٍ، وفي القرآنِ والسُّنَّةِ ما يُغْنِي عنه وهو (الأول)، وهو أيضًا أبلَغُ مِنَ القديمِ؛ لأن القديمَ قد يُطْلَقُ على الحادِثِ المتقَدِّمِ كما في قوله عَزَّ وَجَلَّ:{حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ}[يس: ٣٩]، فالقديمُ لا يَدُلُّ على السَّبْقِ المطْلَقِ؛ ولأن الأَوَّلَ يُفيدُ معنى زائدًا على تَقَدُّمِ الزَّمَنِ، وهو أن الأشياءَ تَؤول إليه وترْجِعُ إليه، كما قال تعالى:{وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى}[النجم: ٤٢].
لو قالَ قائلٌ: وهل نأْخُذُ من ذلكَ جوازَ تَغَيُّرِ الفَتْوى بتَغَيُّرِ الزمانِ؟
فالجواب: أهل العلمُ تتغَيَّرُ فتواهُم مَعْنَوِيًّا لا لَفْظيًا بتغَيُّرِ الزمان، هذا عُمرُ -رضي اللَّه عنه- أجازَ الطلاقَ الثلاثَ وجعلَهُ طَلَاقًا بائِنًا، مع أن النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأبو بكرٍ يجعلُونَ