للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فباختلافِ منازِلِ القَمَرِ نعلمُ عَدَدَ السِّنينَ والحسابَ؛ لأن الأَهِلَّةَ هي المواقيتُ العالميَّةُ الفِطْرية، قال اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ} [البقرة: ١٨٩]، عامَّة، وقال تعالى: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ} [التوبة: ٣٦]، وهذه الأشْهُرُ التي بَيَّنَهَا الرسولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: هي الأشْهُرُ الهِلالِيَّةُ.

وبالمناسَبَةِ: حدَّثَنِي أحدُ الناس أن في بعضِ البلادِ يعْتَقِدُونَ أن سببَ الكسوفِ أن مخلوقًا يحولُ بينَ القمرِ وبين الأرض، وأيضًا في بعضِ البلاد يعتَقِدُونَ أن حيوانًا سَمَاويًا يتَرَصَّدُ بالقَمرِ -لعله حوت- فيحْجُبُه عن الأرضِ، ولذلك هم يخْرُجونَ بالطبولِ يهْتِفُون: يا فلانة يا فلانة انْقِذِي القَمَرَ، وهذا من البِدَع والمصائبِ التي حَلَّتْ بالمسلمين، والواجبُ على أهْلِ العلمِ التَّنْبِيه على خَطر هذه البِدَع والتَّحْذِيرِ مِنْهَا.

قوله: {لَيَقُولُنَّ} نونُ التوكيدِ اتَّصَلَتْ بالمضَارِعِ، والمعروفُ عندَ أهلِ النَّحْو أن نون التوكيد إذا اتصلتْ بالمضَارعِ يُبْنَى على الفَتْحِ، والموجودُ هنا ضمَّةٌ؟

والجواب: أن نون التوكيد إذا اتَّصَلَتْ بالمضارع فيُشْتَرَطُ أن تكونَ مباشِرةً للفعل لفظًا أو تَقْدِيرًا, ولذلك يقول ابن مالك رَحِمَهُ اللَّه (١):

. . . . . . . . . . . ... وَأَعْرَبُوَا مُضَارِعًا إِنْ عَرِيَا

مِنْ نُونِ تَوْكِيدٍ مُبَاشِرٍ وَمنْ ... نُونِ إِنَاثٍ كَـ (يَرُعْنَ مَنْ فُتِنْ)

فالنون في قولِه: {لَيَقُولُنَّ} ليستْ مبَاشِرَةً للفِعْلِ تقديرًا؛ لأنه حالَ بينها


(١) البيتان (١٩، ٢٠) من ألفيته.

<<  <   >  >>