للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "والْعَرْشُ فَوْقَ ذَلِكَ، وَاللَّهُ فَوْقَ الْعَرْشِ" (١).

وأشارَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بأُصْبِعِهِ إلى السماءِ يَشْهَدُ اللَّه على إقرارِ أُمَّتِهِ بالبلاغِ في أعظمِ مجمَعٍ للمسلمينَ يومَ عَرفة حين قال: "اللَّهُمَّ اشْهَدْ" (٢).

وكذلك دَعَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ في خُطْبَةِ الجمعةِ رَبَّهَ، فرفَعَ يدَيْهِ يقول: "اللَّهُمَّ أَغِثْنَا" (٣)، فهذه سُنَّةٌ فِعْلِيَّةٌ.

وأما السُّنَّةُ الإقراريةُ فإنه عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ سألَ الجارِيةَ قالَ: "أينَ اللَّه؟ " قالت: في السماء، قال: "أعْتِقْهَا فَإِنَّها مُؤْمِنَةٌ" (٤).

وأما دلالةُ العقلِ فظاهِرَةٌ أيضًا؛ لأننا نقولُ: العُلُوُّ صِفَةُ كمالٍ أم صِفَةُ نقصٍ؟

والجواب: لا أحدَ يُنْكِرُ أن السُّفولَ صِفَةُ نقْصِ واللَّه عَزَّ وَجَلَّ مستَحِقٌّ للكمالِ، أو واجبٌ له الكَمالُ مُنَزَّهٌ عن النَّقص.

أما الفِطْرَةُ: فسلِ الصَّبِيَّ والعَجوزَ والجاهِلَ الذي لا يعلم، فسيقُولونَ لك: إن اللَّهَ في السماءِ.

ومذهبُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ أن اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على عَرْشِهِ بذَاتِهِ وهو معنا


(١) أخرجه أحمد (٢/ ١٩٧، رقم ٦٨٦٠) عن عبد اللَّه بن عمرو قوله: والعرش فوق ذلك، وفي العقود الدرية (١/ ٩٤): والعرش فوق ذلك واللَّه فوق عرشه وهو يعلم ما أنتم عليه.
(٢) أخرجه مسلم: كتاب الحج، باب حجة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، رقم (١٢١٨) عن جابر.
(٣) أخرجه البخاري: كتاب الاستسقاء، باب الاستسقاء في خطبة الجمعة غير مستقبل القبلة، رقم (٩٦٨)؛ ومسلم: كتاب صلاة الاستسقاء، باب الدعاء في الاستسقاء، رقم (٨٩٧) عن أنس.
(٤) أخرجه مسلم: كتاب الصلاة، باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحة، رقم (٥٣٧) عن معاوية بن الحكم السلمي.

<<  <   >  >>