عليه وآله وسلم مكلَّفًا مثلنا كان كل فعل يفعله شريعةً لنا إلا أن يدلّ دليلٌ على الخصوصية.
وأما التبرُّك فإن المدار فيه على الفضل والبركة، وهو صلى الله عليه وآله وسلم أعظم الناس بركةً، وليس أحدٌ من أمته مثله في ذلك، فكيف يقال: إن التبرك به يدلّ على التبرُّك بغيره؟ هذا واضح البطلان، إلا أن يدّعي المجيزون أنَّ أحدًا من أُمته أولى منه صلى الله عليه وآله وسلم أو مساوٍ له، فليفعلوا ما شاؤوا، ولن يلتزموا ذلك حتى يخلعوا ربقة الإسلام من أعناقهم!
[ص ١٠] ومما يؤيد ذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مقطوع بكونه حبيب الله وخليله في الدنيا والآخرة، قد غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخر. وأما غيره من هذه الأمة فإنما يمكن القطع في حق الصحابة المبشّرين بالجنة، ومع ذلك فلم يكن يُتبَّرك بهم رضي الله عنهم، ولا يثبت في التبرُّك بهم أثرٌ صحيح، لا بمَن كان منهم من القرابة ولا غيرهم.
فدلَّ ذلك على أنَّ التبرُّك كان خصوصية له صلى الله عليه وآله وسلم لا يَشْرَكه فيها غيره حتى مَن عُلِمَت نجاتُه.
وأما غيرهم فلا سبيل إلى القطع بكمال إيمان أحد ولا وفاته عليه ولا نجاته يوم القيامة. وفي ذلك أحاديث كثيرة منها:
حديث «الصحيحين»(١) عن أبي بكرة قال: أثنى رجلٌ على رجلٍ عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «ويلك قطعتَ عنقَ أخيك ــ ثلاثًا ــ، من كان منكم مادحًا لا محالة فليقل: أحسب فلانًا والله حسيبه، إن كان يرى أنه كذلك، ولا يزكِّي على الله أحدًا».