للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «وجَبَت». ثم مرّوا بأخرى فأثنوا عليها شرًّا، فقال: «وجَبَت». فقال عمر: ما وجبت؟ قال: «هذا أثنيتم عليه خيرًا فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرًّا فوجبت له النار. أنتم شهداء الله في الأرض».

والسرُّ في ذلك ــ والله أعلم ــ أن ثناءهم على الميت يدلّ على أنهم لم يروا منه إلا الخير، فإذا شهدوا له بذلك غفر الله له ما لم يطلعوا عليه؛ لأنه سبحانه وتعالى أكرم من أن يفضحه في الآخرة وقد ستره في الدنيا، كما ورد معنى ذلك في «الصحيح»، [ص ١١] ففي «الصحيحين» (١) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «كلُّ أمتي معافى إلا المجاهرون، وإن من المجانة (٢) أن يعمل الرجل بالليل عملًا ثم يصبح وقد ستره الله، فيقول: يا فلان عملتُ البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربُّه، ويصبح يكشف ستر الله عنه».

وفي «الصحيحين» (٣) عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره فيقول: أتعرف ذنب كذا وكذا؟ فيقول: نعم أي رب، حتى [إذا] قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه قد هلك قال: سَتَرْتُها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم، فيعطى كتاب حسناته. وأما الكفّار والمنافقون فينادي بهم على رؤوس الخلائق: هؤلاء


(١) البخاري (٦٠٦٩)، ومسلم (٢٩٩٠).
(٢) كذا في الأصل: «المجاهرون ... المجانة». والمؤلف ينقل لفظ الحديث من «المشكاة»: (٣/ ٤٧). وهو لفظ بعض روايات «صحيح البخاري» كما في «فتح الباري»: (١٠/ ٤٨٦ - ٤٨٧).
(٣) البخاري (٢٤٤١)، ومسلم (٢٧٦٨).