للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: فما تقولون في مَن كان ظاهر عمله الخير ثم خُتِم له ــ والعياذ بالله ــ بسوء الخاتمة، فإن الله تعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: ٤٨، ١١٦].

فالجواب: أن هذا قلّما يتفق مع ما ذُكِر لظاهر هذه الأحاديث وغيرها؛ لأن الخاتمة هي فَذْلَكة (١) العمل الطويل، ففي «الصحيح» (٢): «اعملوا فكُلٌّ ميسّر لما خُلِق له». فإن أمكن وقوعه كان مخصّصًا لما ذكر.

ثم اعلم أن هذه الشهادة ليست في التزكية المنهيّ عنها في الأحاديث المارّة؛ لأن تلك في التزكية المقطوع بها بما في نفس الأمر، وهذه شهادة بما شاهدوه من محافظته على الخير، واجتنابه الشر.

[ص ١٢] ولا يقال: إن قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «وجَبَت» قد يكون عن وحي، فيكون خاصًّا، بل ذلك عام (٣) في كل مسلم، بدليل رواية أبي هريرة التي رواها الإمام أحمد، كما مرّ قريبًا.

وفي البخاري (٤) عن أبي الأسود قال: قدمت المدينة وقد وقع بها مرض، فجلستُ إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فمرَّت بهم جنازة، فأُثنيَ على صاحبها خيرًا، فقال عمر رضي الله عنه: وجبت، ثم مُرّ بأخرى فأثني على صاحبها خيرًا، فقال عمر رضي الله عنه: وجبت، ثم مُرَّ بالثالثة


(١) أي: خلاصته ونتيجته.
(٢) البخاري (٤٩٤٦)، ومسلم (٢٦٤٧).
(٣) لم يظهر إلا «عا» بسبب تآكل الورقة.
(٤) (١٣٦٨).