فأُثنيَ على صاحبها شرًّا، فقال: وجبت. فقال أبو الأسود: فقلت: وما وجبت يا أمير المؤمنين؟ قال: قلت كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة». فقلنا: وثلاثة؟ قال:«وثلاثة». فقلنا: واثنان. قال:«واثنان». ثم لم نسأله عن الواحد.
والمقصود أن غير النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الأمة لا يمكن القطع بتحقق إيمانه في حياته، ولا بموته عليه، ولا بنجاته يوم القيامة، حتى لو ظهرت على يده الخوارق؛ لأنها لا تفيد إلا الظنّ، لإمكان أن يكون من باب الاستعانة بالجن أو السِّحر أو الاستدراج أو غير ذلك.
كيف وقد يقع ما يشبه ذلك للكفار، كما كان للإشراقيين من الفلاسفة، والكَهَنة من العرب، والسَّحَرة من بقية الأمم، وكما هو معروف الآن بالتنويم المغناطيسي وغير ذلك. وحسبك ما يقع للمسيح الدجّال.
وليس المقصود رمي من ظهرت على أيديهم الخوارق بالسِّحْر والكذب وغيره، وإنما المقصود بيان أن ظهور ذلك على أيديهم لا يفيد القطع، بخلاف معجزات الرسل فإنها أمرٌ فوقَ ذلك. ولا يَغُررك قولهم:(ما كان معجزةً لنبي كان كرامة لولي)(١)، فإن هذا الإطلاق يتناول ادّعاء أن الولي قد يأتي بكتاب معجز كالقرآن، ولاسيما مع ادّعائهم نزول الوحي عليهم، كما سيأتي نقله إن شاء الله تعالى، فتنبّه.
نعم، إذا كان الإنسان كامل الاستقامة على الحدود الشرعية، كان الغالب تحقُّقَ إيمانه ونجاته، ووجب العمل بالظاهر فيما صح الأمر به
(١) انظر «فتح الباري»: (٧/ ٣٨٣)، و «الإنصاف في حقيقة الأولياء» (ص ٣٧) للصنعاني.