فيكون دعاؤه وسيلة لنا، وإنا الآن نتوسّل بدعاء عمّ نبينا، وها هو يدعو لنا، ودعاؤه وسيلة لنا.
وتقدير المضاف في الموضعين متعيّن؛ إذ لو لم يقدّر لكان الظاهر التوسّل بالذات، وذات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم باقية بعد الموت، فعلامَ يعدل الصحابة عن التوسّل بها، ويقول الفاروق مقالته الدالة على امتناع التوسّل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى احتيج إلى العدول إلى عمّه؟ فتبيَّن أنه ليس المراد التوسّل بالذات.
ولا يصحّ تقدير المضاف «بأعماله الصالحة» وإن ارتضاه الشوكاني؛ لأن أعمال النبي صلى الله عليه وآله وسلم باقية فَعَلامَ يعدل عنها إلى التوسّل بأعمال عمه، فتعيَّن أن يكون المضاف هو أمر يمتنع حصوله من الميّت، ويحصل من الحيّ، وهو الدعاء في القضية بعينها.
إذا تقرّر ذلك فمعنى هذا الحديث: اللهم إنّا كنّا إذا أجْدَبْنا نتوسّل إليك بدعاء نبينا لنا بالسُّقيا فتسقينا، وإن نبينا قد قَدِم عليك فلا يمكن أن يدعو لنا بالسُّقيا الآن، ولكنا نتوسّل إليك بدعاء عمّ نبينا بالسُّقيا الآن فاسْقِنا.
فإن قيل: فهل قول عمر: «اللهم إنّا كنّا نتوسّل ... » إلخ مجرّد خبر أو دعاء؟
فالجواب: أننا [٢٢٦] نسلِّم أنه دعاء، ولكن ليس معنى التوسّل هو التوسُّل الذي تدّعونه، وإنما هو مطلق التقرب، كما هو معناه لغةً. فكأن عمر قال: إنا كنا نتقرّب إليك بطلب الدعاء من نبيّك، وقد تعذّر ذلك فتقرّبنا إليك بطلب الدعاء من عمّه، وها هو يدعو وندعو، فأنْجِزْ لنا وعدك بإجابة الدعاء.