وهذا كما ترى ليس فيه ما يدلّ على التوسّل وإنما هو من باب استنجاز الوعد الذي مرّ تقريره في حديث ثلاثة الغار.
ولا شكَّ أن الله تعالى وَعَد عبادَه إجابة الدعاء بقوله:{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}[غافر: ٦٠]، وعوّدهم الإغاثة بالسُّقيا إذا طلبوا الدعاء من رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بإجراء العادة بذلك، وإجراءُ العادة بمثابة الوعد، وذلك إجابة لدعاء رسوله، وجزاءً لهم حيث عرفوا الحقّ للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ففزعوا إليه في ذلك.
وهذا كقوله تعالى:{وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا}[النساء: ٦٤]، فَشَرَط في ذلك ثلاثة أشياء:
الأول: مجيئهم إلى الرسول طالبين منه أن يستغفر لهم.
والثاني: استغفارهم الله.
والثالث: استغفار الرسول لهم.
وكذلك السُّقيا كانوا يفزعون إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم طالبين منه الدعاء، فيدعو ويدعون، فيسقيهم الله تعالى. وفي «سنن أبي داود»(١) بإسناد حسن عن عائشة رضي الله عنها قالت: شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قحوط المطر، فأمر بمنبر فوُضِع له في المصلّى، ووعد الناسَ يومًا يخرجون فيه. قالت عائشة: فخرج رسول الله صلى الله