للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما القاص فلأنه حكى لهم الحديث الضعيف حكايةً يفهمون منها أنه صحيح، فقد أخذ بنصيبه من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وأما السامعون فلأنهم يفهمون أن تلك الآثار صحيحة فيعتقدون مضمونها وأنها صحيحة، ويبادرون بتضليل كلِّ مَن سمعوه يقول: إنها ضعيفة، فينتهكون بذلك حُرمة الدين وحرمة علماء الدين بالوقوع في أعراضهم، وربما استجراهم الشيطان إلى أذيتهم في أنفسهم (١).

وهذا فيما يتعلّق بالآثار المتعلقة بشيء من أحوال النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أما الآثار المتعلقة بمن يُعرف بالخير والصلاح، فالأمر فيها أشد، إذا كان فيها ما يكذّبه القرآن؛ فيكون اعتقادها كفرًا والعياذ بالله تعالى.

وأما إنشاء القصائد بالألحان، وقولكم: إنه قد ثبت مثل ذلك، وضربُ الدفوف بحضرته صلى الله عليه وآله وسلم، فنعم قد وقع شيء من ذلك بحضرته صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن لا على أنه من الدين ولا علاقة له بالدين، بل على أنه من الأمور الدنيوية التي تباح في أوقات مخصوصة، يُباح فيها الإقبال على أمور الدنيا وزينتها، فأخرجا في «الصحيحين» (٢) عن عائشة أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى، تدفّفان، وتضربان، وفي رواية: تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم متغشٍ بثوبه، فانتهرهما أبو بكر، فكشف النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن وجهه، فقال: «دعهما يا أبا بكر؛ فإنها أيام عيد»، وفي رواية: «يا أبا بكر إن لكل قوم عيدًا، وهذا عيدنا».


(١) كلمة مطموسة ولعلها ما قدَّرت.
(٢) البخاري (٩٨٧)، ومسلم (٨٩٢).