للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا رأيتَه صلى الله عليه وآله وسلم يأمرك بشيء، فقد يكون تأويلُ الأمرِ النهيَ أو الإخبارَ بوقوعه، أو الأمرَ بشيء يعبّر به الشيء المرئيّ، أو غير ذلك من الاحتمالات التي لا تنحصر= لا جَرَمَ لم يصلح ذلك لاعتباره حجة.

نعم، إذا رأيتَه يأمرك بشيء قد ثبت في كتاب الله تعالى أو السنةِ الصحيحة استحبابُه، فإنه يتأكّد لك استحباب ذلك الشيء، لترجُّح أن الأمر المرئيّ في النوم على ظاهره، ويشهد لهذا واقعة لابن عباس بسبب مذهبه في التمتع (١).

[١٨٩] وهل المراد برؤياه صلى الله عليه وآله وسلم التي هي الحقّ رؤيا شخصٍ يتسمّى باسمه، أو يخبرَ الرائي بأنه هو، أو يقع في نفسه ذلك وإن لم يكن على صورته التي كان عليها في الدنيا؟ أو لابد أن يكون على صورته التي كان عليها في الدنيا؟

أقول: ظاهر قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «فإن الشيطان لا يتمثّل في صورتي»، وقوله: «ولا يتمثل الشيطان بي» أنه لابدَّ في تعيّن كون الرُّؤيا حقًّا أن يكون المرئي على صورته التي كان عليها في الدنيا صلى الله عليه وآله وسلم، فإن الشيطان إنما مُنِع من التمثّل به، ولم يُمنَع من انتحال اسمه.


(١) «واقعة ... التمتع» كتبها المؤلف في طرة الورقة، والواقعة التي يشير إليها هي ما في «صحيح مسلم» (١٢٤٢) عن أبي جمرة الضبعي قال: تمتّعتُ، فنهاني ناس عن ذلك فأتيت ابن عباس فسألته عن ذلك؟ فأمرني بها. ثم انطلقتُ إلى البيت فنمتُ، فأتاني آتٍ في منامي فقال: «عمرة متقبَّلة وحجٌّ مبرور». قال: فأتيت ابن عباس فأخبرته بالذي رأيت، فقال: «الله أكبر الله أكبر! سنّة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم - ».