للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ} بالقضاء السابق فحاد عن قصد السبيل، وقيل: {حَقَّتْ}: وجب عليه العذاب، فالضلال (١) هاهنا العذاب.

وقيل: الضلال عن طريق الرحمة.

{فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} خطاب لأمة محمد -صلى الله عليه وسلم-.

{فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (٣٦)} قوم عاد وثمود وغيرهم (٢)، وقيل: معنى سيروا في الأرض: اقرؤا القرآن فتعرَّفوا كيف حال عاقبتهم.

{إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ} إن تطلب هداهم أشدّ الطلب.

{فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ} أي: من أضله الله بخذلانه لا يوفقه لهدايته، وقيل: {لَا يَهْدِي} أي (٣): لا يهتدي، وقرئ (لا يُهْدى) (٤)، أي: من يضله لا يهدى، أي: لا يهديه أحد، كقوله {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ} [الأعراف: ١٨٦].

{وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٣٧)} من ينصرهم من عذاب الله ويمنعهم عنه (٥).

{وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ} في سبب النزول: قال الربيع بن أنس عن أبي العالية: كان لرجل على رجل من (٦) المشركين دَيْنٌ فأتاه يتقاضاه فكان فيما تكلم به: والذي أرجوه بعد الموت، فقال المشرك: وإنك لتزعم أنك تبعث بعد الموت، فأقسم بالله لا يبعث الله من يموت، فأنزل الله هذه الآية (٧).

أي: حلفوا بأغلظ الأيمان وهو ما ليس فوقه مزيد، وقيل: جَهْدَ اليمين: ما ليس باللغو، {لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ}: لا يحيي الله أحداً بعد موته.

قال قتادة: ذكر لنا أن رجلاً قال لابن عباس: إن ناساً من العراق (٨) يزعمون إن عليّاً مبعوث قبل يوم القيامة ويتأوَّلون هذه الآية، فقال ابن عباس: كذب ابن الإماء، إن هذه الآية عامة للناس، لو كان عليٌّ مبعوثاً قبل يوم القيامة ما أنكحنا نسائه ولا قسمنا ميراثه (٩).

{بَلَى} إثبات لما نفوه، أي: ليبعثن، وقيل: قل (١٠) يا محمد بلى.

{وَعْدًا} أي: وعد ذلك وعداً.

{عَلَيْهِ} قيل: منه، وقيل: عليه إنجازه.

{حَقًّا} وصف للوعد (١١)، والوعد الحق: ما قرن بالإنجاز.


(١) في (ب): (وقيل (حقلت عليهم) وجبت والضلال هاهنا ... ).
(٢) في (أ) زيادة ( ... وثمود وصالح وغيرهم).
(٣) سقطت (أي) من (ب).
(٤) قرأ أبو جعفر ونافع وابن كثير وابن عامر وأبوعمرو ويعقوب (لا يُهْدَى) بضم الياء وفتح الدال، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي وخلف (لا يَهْدِي) بفتح الياء وكسر الدال.
انظر: «المبسوط» لابن مهران (ص ٢٢٤).
(٥) في (ب): (منه).
(٦) سقط قوله (رجل من) من (أ).
(٧) أخرجه الطبري ١٤/ ٢٢٠ - ٢٢١، وزاد السيوطي ٩/ ٤٦ نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
وذكره الواحدي في «أسباب النزول» (ص ٤٦٢).
(٨) في (د): (بالعراق).
(٩) أخرجه عبدالرزاق ١/ ٣٥٥، والطبري ١٤/ ٢١٩ - ٢٢٠.
(١٠) كلمة (قل) سقطت من (ب).
(١١) في (أ): (وصف الوعد).

<<  <   >  >>