للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٨)} أنه وعد لا يأتي عليه خلف.

وروى الثعلبي في تفسيره أن في الخبر أن الله تعالى يقول: (كذَّبني ابن آدم ولم يكن له أن يكذِّبني، وشتمني ابن آدم ولم ينبغ له أن يشتمني، فأما تَكذِيْبُه إيَّاي فحلفه أنِّي (١) لا أبْعَثُ الخلق، وأما شَتْمُه (٢) إيَّاي فقوله: اتَّخذ الله ولداً، وأنا الواحد الصَّمد، لم ألِدْ ولم أُوْلَد، ولم يكنْ لي كُفُواً أحد) (٣).

{لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ (٣٩)} بلى (٤) يبعثهم ليظهر لمنكري البعث والمقتسمين صحة ما اختلفوا فيه وليعلموا كونهم كاذبين، وقيل: اللام متصل بقوله {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا} ليبين لهم.

ثم ذكر سهولة البعث عليه (٥)، فقال: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} هذه عبارة عن (٦) التكوين، وقد سبق بيانه في البقرة (٧).

{وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} الآية.

في سبب النزول أنها نزلت في أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- بمكة، بلال وصهيب وخبَّاب وعمار وعابس وأبي جندل بن سهيل (٨)، أخذهم المشركون بمكة فعذَّبوهم وآذوهم فبوَّأهم الله المدينة بعد ذلك (٩).

{وَالَّذِينَ هَاجَرُوا} فارَقُوا أوطانهم {فِي اللَّهِ} في ذات الله وابتغاء دينه {مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا} أي: ظلمهم قريش وعذبهم (١٠) ليرتدوا عن الإيمان.

{لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} لنهيأن لهم مسكناً يرضونه، والجمهور على أنها المدينة.


(١) في (د): (فحلفه بي أني ... ).
(٢) في (ب) و (د): (سبه)، والمثبت موافق لنسخة (أ) وكتاب الثعلبي.
(٣) هكذا ورد عند الثعلبي في «الكشف والبيان» (ص ١٤٥)، وأخرج البخاري (٤٩٧٤) نحوه عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٤) في (د): (أي بلى ... ).
(٥) سقطت (عليه) من (أ).
(٦) سقطت (عن) من (د).
(٧) أثناء تفسير الآية (١١٧) من سورة البقرة.
(٨) في النسخ الخطية الثلاث (وأبي جندل وسهيل)، والصواب ما ذكرته والله أعلم، فإنه صحابي مذكور في «الإصابة» لابن حجر ١١/ ٦٤ - ٦٥.
(٩) ذكره الثعلبي (ص ١٤٦)، والواحدي في «أسباب النزول» (ص ٤٦٢ - ٤٦٣).
(١٠) في (ب): (وعذبوهم).

<<  <   >  >>