للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم قال {وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ} فجعل بسط اليد عبارة عن الإعطاء، لأن المُعْطِي يبسط يده نحو المُعْطَى، والبسط ضد القبض.

{فَتَقْعُدَ مَلُومًا} يلومك الناس.

وقيل: مستحقاً للملامة.

وقيل: يلومك الله.

{مَحْسُورًا (٢٩)} الزجاج (١): أي: بالغت في الحمل على نفسك وحالك حتى تصير بمنزلة من حسر، والحسير: المحسور الذي بلغ الغاية في النصب (٢).

قتادة: نادماً على ما فرط منك (٣).

وقيل: هو العاجز.

وقيل: هو الذي ذهب ماله كله.

وسبب النزول يدلُّ على أن المعنى بالمحسور: المكشوف، من: حسرت عن (٤) الذراع، أي: كشفت، وهو أصل الكلمة.

{إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ} يوسعه، كالثوب المبسوط يصيب الجهات.

{وَيَقْدِرُ} يضيق، يريد لمن يشاء، فيجعله على التضايق.

{إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (٣٠)} يعلم مصالح العباد، كما قال في الأخرى {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ} [الشورى: ٢٧].

{وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ} مخافة الفاقة، والمَلَقُ: الخضوعُ، وأَمْلَقَ: حمله الفقر على المَلَق، وقيل: أَمْلَقَ: خلا من المال، من قولهم: صَفَاً مُلْقٌ ومِلاقٌ: إذا غسله المطر.

وذهب بعض المفسرين (٥) إلى أن المراد بقتل الأولاد وأد البنات وكانت العرب تفعل ذلك مخافة العار، وزعم بعضهم أن الله صاحب البنات لأن الملائكة بناته فإلحاقهن به أولى (٦)، وظاهر الآية يدل على أنهم كانوا يقتلون الأولاد مخافة الفقر، وتقديره في هذه السورة: خشية إملاق بهم.


(١) سقطت كلمة (الزجاج) من (ب).
(٢) انظر: «معاني القرآن» للزجاج ٣/ ٢٣٦.
(٣) أخرجه عبدالرزاق ١/ ٣٧٧، والطبري ١٤/ ٥٧٥ - ٥٧٦.
(٤) سقطت (عن) من (د).
(٥) في (د): (وذهب المفسرون إلى ... ).
(٦) في (د): (بالله أولى).
ومعنى القول الثاني: أنهم كانوا يقتلون البنات لأن الله تعالى صاحب البنات ويقصدون الملائكة، فقتلهن وإلحاقهن بالله كان لهذا الغرض، وليس من أجل الفقر.

<<  <   >  >>