للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ} القيامة، والوعد: الموعود، وقيل: هو نزول عيسى عليه السلام.

{جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (١٠٤)} اللفيف: الجماعات من قبائل شتى.

الفراء: من هاهنا وهاهنا (١).

وقيل: اللفيف: المختلطين من كل شكل.

{وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ} يريد القرآن، أي: إنزال القرآن بالحق غير الباطل، وقيل: ما يتضمنه حق، أي: صدق وعدل.

{وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} قيل الباء هاهنا بمعنى على، أي: وعلى محمد نزل، وقيل: توكيد للأول، كألفاظ المصادر، وألفاظ التوكيد، بعضها بعد بعض (٢)، نحو: كلهم أجمعون، أكتعون، أبضعون، وقيل: قصد بإنزاله إثبات الحق ونفي الباطل وهو أيضاً في نفسه حق وصدق، لأنهما سِيَّان، ويجوز أيضاً أن يقال: لما صَحَّ في التقسيم أنزلته فنزل وأنزلته فلم ينزل إذا عرض مانع، أخبر أنه كما أُنزل نَزَل من غير مانع.

وقيل: الحق الأول: الحقيقة. والثاني: المستحق، أي: أتاكم بما تستحقونه (٣)، وقيل: الهاء في {أَنْزَلْنَاهُ} تعود إلى موسى، كقوله: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ} [الحديد: ٢٥]، وقيل: تعود إلى الآيات، فذَكَّرَ حملاً على معنى ذلك.

وقيل: إلى الوعد المذكور قبله.

{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا} للمؤمنين.

{وَنَذِيرًا (١٠٥)} للكافرين.

{وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ} بَيَّنَّاه وفصَّلناهُ (٤)، وقيل: فَرَقْنَا فيه الحق من الباطل، وقيل: هو بمعنى المشددة، وقرئ بالتشديد (٥)، ونصب قوله {وَقُرْآنًا} بفعل مضمر دل عليه {فَرَقْنَاهُ}، وقيل: عطف على قوله {مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (١٠٥)} و {وَقُرْآنًا} أي: ذا قرآن، وقيل: وآتيناك قرآناً.

{لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} بِرِسْلٍ وتُؤَدَةٍ، وفي الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقرأ القرآن قراءة لينة يتلبث فيها (٦).

عن ابن عباس رضي الله عنهما: لأن أقرأ البقرة وأرتِّلها وأتدبَّر معانيها أحب إلي من أن أقرأ جميع القرآن هذًّا (٧).

{وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (١٠٦)} أنزلناه شيئاً بعد شيء عشرين سنة على حسب الحاجة إليه.

{قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا} قوله: {أَوْ لَا تُؤْمِنُوا} تهديد ووعيد، ومثله {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: ٢٩]، والمعنى: اختاروا لأنفسكم النعيم


(١) قاله في «معاني القرآن» ٢/ ١٣٢، وزاد: (وكل جانب).
(٢) في (أ): (بعضها على بعض).
(٣) في (ب): (تستحقون).
(٤) ويحتمل (وفَصَلنَاهُ) كما عند ابن كثير ٩/ ٩٠، يعني من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا.
(٥) هي قراءة علي وسعد وابن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس وأبو رزين ومجاهد والشعبي وقتادة والأعرج وأبو رجاء وابن محيصن. انظر: «القراءات الشاذة» لابن خالويه (ص ٧٧)، وابن الجوزي ٥/ ٩٦.
(٦) هذا ورد في عدد من الأحاديث، وقد جمعها بعض الأئمة، مثل: الفريابي في «فضائل القرآن» (باب الوقف في قراءة القرآن والجمع في السور، وكيف كانت قراءة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وترتيله)، كما عقد ابن الجزري مبحثاً في «النشر» ١/ ٢٠٧ - ٢٠٨ حول هذا الموضوع، وممن أجاد فيه أيضاً الحافظ ابن حجر العسقلاني عندما شرح (باب الترتيل في القراءة) من كتاب فضائل القرآن من صحيح البخاري.
(٧) أخرجه أبو عبيد في «فضائل القرآن» (ص ١٥٧ - ١٥٨)، والبيهقي في «السنن الكبرى» ٢/ ٣٩٦.

<<  <   >  >>