في هذه الأجواء السياسية كانت حياة الكرماني في كرمان.
ولم يختلف الأمر كثيراً عن البلاد المجاورة لكرمان، فعموم بلاد فارس كانت فيها مناوشات عسكرية، حيث كان طغرل بك سلطان السلاجقة يُخضِع الدول المجاورة كالزيادية في طبرستان وجرجان عام ٤٣٣ هـ، وفي العام التالي ٤٣٤ هـ ضمَّ طغرل خوارزم إلى ممتلكاته، ثم أتبعها الري واتخذ منها عاصمة له، وتمكن كذلك من الاستيلاء على قزوين وأبهر وزنجان، فأصبح أمراء الديلم طوع أمره وأبناء علاء الدين كاكويه رهن إشارته، وهكذا اتَّسع نطاق نفوذه فبات يسيطر على إيران كلها تقريباً.
ثم امتدت سيطرته إلى خراسان وهمدان ٤٤١ هـ، وأصفهان ٤٤٣ هـ، ثم بغداد عام ٤٤٧ هـ، وإزاء قوة طغرل وانتصاره لم يجد الخليفة العباسي «القائم بأمر الله» بدًّا من أن يصدر أمره بقراءة الخطبة باسمه وحذف اسم الملك الرحيم البويهي نهائياً، وترسَّخت العلاقة بين الخليفة القائم بأمر الله وبين طغرل بك، لدرجة أن الخليفة تزوج من ابنة أخي طغرل بك جغري بك.
ولقد أغضب هذا الأمر المستنصر بالله الخليفة الفاطمي، إذ ساءه أن يكون المذهب السني يزدهر في هذه المناطق، فحرَّك أحد المماليك ويدعى أبا الحارس البساسيري لمهاجمة بغداد، وذلك حين كان طغرل خارجها، مما جعل الخليفة العباسي يفر من بغداد ناجياً بنفسه، وأمر البساسيري بقراءة الخطبة باسم المستنصر بالله الخليفة الفاطمي الذي كان يحكم آنذاك في مصر، وكان ذلك في الثامن من ذي القعدة من عام ٤٥٠ هـ، وسارع طغرل بالتوجه إلى بغداد فوقع قتال عنيف بينه وبين البساسيري انتهى بقتل البساسيري وإرسال رأسه إلى الخليفة القائم، وتم الاستيلاء على بغداد في الخامس عشر من ذي الحجة من عام ٤٥١ هـ، وزال نفوذ الفاطميين عنها، وعاد الخليفة القائم إليها مرة أخرى.
وقد وثَّق طغرل علاقته بخليفة بغداد عن طريق زواجه من ابنته في عام ٤٥٤ هـ، إلا أنه توفي بعد عام من زواجه في ٤٥٥ هـ عن عمر يبلغ السبعين، تاركاً البلاد لعدد من المتنازعين على العرش، واستمر حكمه ٢٦ سنة.