للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد حصل نزاع على العرش بعد وفاة طغرل بين ابني أخيه جغري، وهما ألب رسلان بن جغري وسليمان بن جغري، إلا أن هذا النزاع لم يدم طويلاً إذ استقر الأمر لألب أرسلان، مما مكَّنه من السعي إلى استقرار البلاد وإخماد حركات المعارضة، بل سعى إلى مدّ بصره إلى البلاد الواقعة خارج نطاق نفوذه وفي مقدمتها البلاد المسيحية والبلاد غير الإسلامية بوجه عام. وعلم الإمبراطور الروماني رومانوس ديوجينس برغبة ألب أرسلان فتجهَّز الفريقان لمعركة ملاذكرد الشهيرة والتي انتصر فيها ألب أرسلان وأُسِرَ الإمبراطور وقُتِلَ عدد هائل من أفراد جيشه البالغ ٢٠٠ ألف مقاتل.

وبعد حكم دام أكثر من تسع سنوات وفي عام ٤٦٥ هـ قُتِلَ ألب أرسلان إثر طعنة من قائد من قواد إحدى القلاع المفتوحة يدعى يوسف الخوارزمي، وقد كان أوصى لابنه ملكشاه على عرش السلاجقة، ولكن هذا الأمر لم يعجب قاورد والي كرمان وهو عَمُّ ملكشاه، إذ رأى قاورد أنه أحق بعرش السلاجقة من ملكشاه، فتقابلا في معركة كبيرة في همدان انتهت بأسر ملكشاه لقاورد، ثم قتله لاحقاً بناءً على مشورة الوزير نظام الملك، ورأى ملكشاه وبمشورة وزيره نظام الملك أنه من الحكمة ترك ولاية كرمان في أبناء عمه قاورد يحكمونها، واستمر حكمهم لها حتى عام ٥٨٣ هـ، وهم الذين عُرفوا في التاريخ باسم سلاجقة كرمان (١).

ومع كثرة النزاعات في العهد السلجوقي، إلا أنها نزاعات على السلطنة والملك، وكانت كلها ضمن المذهب السُّني، وليست معارك دينية، وقد كانت كرمان خلال هذه الفترة أكثر استقراراً من البلدان المجاورة رغم ما حصل فيها من بعض المناوشات كما سبق، ولم أجد إشارة من الكرماني في كتابه هذا لأمر يتعلق بأحد السلاطين، ولم يمدح أو يذم أحدهم، مما يشير إلى عدم تأثره الكبير بهذه الأحداث السياسية.

* * *


(١) هذا المختصر أخذته من كتاب «تاريخ إيران» (٢١ - ٩٠٦ هـ) للدكتور فاروق عمر والدكتور مرتضى النقيب (ص ١٦٢ - ١٧٣)، وكتاب «السلاجقة» للدكتور أحمد حلمي (ص ٢٧ - ٣٨)، وكتاب «كرمان» للدكتور إبراهيم البلوشي (ص ١٥٢ - ١٥٥).

<<  <   >  >>