للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن عباس، رضي الله عنهما: "لما نزل قوله {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: ٢٩] تحرج المسلمون عن مؤاكلة المرضى والزمنى والعُمْي، والعُرْج، وقالوا: الطعام أفضل الأموال وقد نهانا وقد نهانا الله عن أكل الأموال بالباطل، والأعمى لايبصر موضع الطعام الطيب {وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} والأعرج لايستطيع المزاحمة على الطعام، والمريض لايستطيع استيفاء الطعام، فأنزل الله هذه الآية" (١)، وعلى هذا القول الآية ناسخة.

قال سعيد بن جبير، والضحاك: "كان الناس ينقذرون العرجان، والعميان، والمرضى ويكرهون مؤاكلتهم، وكان أهل المدينة لايخالطهم في طعامهم أعمى ولا أعرج ولا مريض تقذراً، فأنزل الله هذه الآية" (٢)، استبعد هذا القول جماعة، وقالوا: لو كان كذلك لقال: ليس عليكم حرج أن تأكلوا معهم، ولم يقل ليس على الأعمى حرج، وأجاب عن هذا الاستبعاد بعض النحاة بأن {عَلَى} هاهنا بمعنى في، أي: ليس في الأعمى حرج ولا في الأعرج حرج، والمعنى: في مؤاكلة الأعمى والأعرج.

قال مجاهد: "كان قوم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يكن عندهم ما يطعمون الأعمى والأعرج والمريض ذهبوا بهم إلى بيوت آبائهم وأمهاتهم أو بعض من سمى الله في هذه الآية، وكان أهل الزمانة يتحرجون من يطعموا ذلك الطعام لأنه أطعمهم غير مالكيه ويقولون: إنما يذهبون بنا إلى بيوت غيرهم، فأنزل الله هذه الآية ترخيصاً للمرضى والزمنى في الأكل معهم من بيوت من سمى في الآية (٣).


(١) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (١٧/ ٣٦٦)، والنحاس في الناسخ والمنسوخ (٢/ ٥٦٠).
(٢) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (١٧/ ٣٦٦).
(٣) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (١٧/ ٣٦٧).

<<  <   >  >>