للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا} أي: أنزلناه لننبت به أرضاً لا نبات فيها فذلك حياتها وموتها. وقيل: لما نبت فيها ما فيه حياة الحيوان جعل ذلك حياة لها (١).

{وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا} أي: ونسقي الماء البهائم والناس (٢)، وقيل: مَكَّنَّاهم من أن يشربوه ويسقوا منه أنعامهم، وأدخل (من) لأن من الحيوان ما يعيش بغير الماء، وقد سبق في قوله {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: ٣٠]، وقال (٣) {وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا} ولم يقل مطلقاً لأنه ليس كل الناس يعيش على المطر، {وَأَنَاسِيَّ} جمع إنسي، وقيل: جمع إنسان فقلب النون ياء وأدغم في الياء (٤)، وماء أصله ماه فقلب الهاء همزة بدليل الجمع مياه.

{وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ} التصريف: تصيير الشيء دائراً في الجهات، وأكثر المفسرين على أن الهاء يعود إلى المطر، أي: قسمنا ماء السماء بين العباد فمطرنا قوماً أكثر وقوماً أقل، وعن ابن عباس وقيل: عن ابن مسعود رضي الله عنهما: ما عام (٥) بأكثر مطراً من عام ولكن الله يصرفه بين خلقه، وقرأ (ولقد صرفناه بينهم) (٦).

وقيل: صرفناه في جهات الأرض (٧).


(١) انظر: النكت والعيون (٤/ ١٤٩).
(٢) في ب "ونسقي الماء البهائم"، بغير "الناس".
(٣) "وقال" سقط من أ.
(٤) قال الفراء في معاني القرآن (٢/ ٢٦٩) "أناسي واحدهم إِنْسِي، وإن شئت جعلته إنساناً ثم جمعته أناسي فتكون الياء عوضاً من النون، والإنسان في الأصل إِنْسِيان لأن العرب تصغره أُنَيْسان".
(٥) في أ: "ماء عام " وهو تصحيف، والصواب هو المثبت.
(٦) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (١٧/ ٤٦٩، ٤٦٨) عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما.
(٧) انظر: تفسير غريب القرآن لابن قتيبة (٣١٤).

<<  <   >  >>