للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} فوض أمورك إليه ولا تخف الكفار.

{وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (٣)} حسبك بالله قائماً بأمورك.

{مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ} في سبب النزول، أنها نزلت في جميل بن مَعْمَر الفهري (١)، وكان رجلاً لبيباً، حافظاً لما يَسْمَع فقالت قريش: ما حفظ هذه الأشياء إلا وله قلبان. وكان يقول: إن لي قلبين؛ أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد.

فلما كان يوم بدر وهُزِمَ المشركون وفيهم جميل بن معمر تلقاه أبو سفيان وهو مُعَلِّقٌ أحدى نعليه بيده والأخرى في رجله فقال: يامعمر ما حال الناس؟ قال: انهزموا. قال: فما بالك إحدى نعليك في يدك والأخرى في رجلك؟ فقال: ما شعرت إلا أنهما في رجلي. فعرفوا يومئذ أنه لو كان له قلبان لما نسي نعله في يده (٢).

قال الزجاج (٣): "قال ابن عباس: "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فسها كما يسهوا الرجل في صلاته وخطرت على باله كلمة فقال المنافقون: إن له قلبين؛ قلباً معكم، وقلباً مع أصحابه (٤)


(١) جميل بن معمر بن حبيب الجمحي، أسلم عام الفتح، وكان مسناً، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنيناً، وهو الذي أذاع في قريش خبر إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
انظر: الاستيعاب لابن عبد البر (١/ ٣١٦).
(٢) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (١٩/ ٧)، وانظر: أسباب النزول للواحدي (٤٠٧)، وأسباب النزول للسيوطي (٢٣٣)، وعزاه في الدر المنثور (١١/ ٧١٩) لابن أبي شيبة وابن أبي حاتم.
(٣) انظر: معاني القرآن للزجاج (٤/ ١٦٢).
(٤) انظر: معاني القرآن للزجاج (٤/ ١٦٢)، وقد أخرجه ابن جرير في جامع البيان (١٩/ ٧)، والترمذي في جامعه (تفسير القرآن، سورة الأحزاب، ح: ٣١٩٩) وقال: حديث حسن.

وقد اختار النحاس في معاني القرآن (٥/ ٣١٩) هذا القول، قال: "وهو أصحها وأعلاها إسناداً، وهو جيد الاسناد، وأولى الأقوال في الآية".

<<  <   >  >>