أحدها: أن الله لما خلق السموات والأرض والجبال خاطبهن فأفهمهن خطابه وقال: إني فرضت فريضة وخلقت جنة ونارًا، ثوابًا لمن أطاعني وعقاباً لمن عصاني.
فقالت السموات والأرض والجبال: نحن مُسَخَّرات على ما خلقتنا لا نحتمل فريضة ولا نبتغي ثوابًا ولا عقابًا (١). فلما خلق آدم عرض ذلك عليه فتحمله (٢).
ومثله في القرآن {فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (١١)} [فصلت: ١١]، ومثلها {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} [البقرة: ٧٤]، ومثلها
{أَلَمْ تَرَ أَن اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ} الآية [الحج: ١٨]، وكذلك قوله سبحانه {هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق: ٣٠].
وتقديره: عرضنا قبول الأمانة فيكون العرض بالقول والخطاب.
واختلفوا في الأمانة ما هي؟
ابن عباس رضي الله عنهما: الفرائض التي أمر الله العباد بها (٣).
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " الأمانة ثلاث؛ الصوم، والصلاة، والاغتسال من الجنابة" (٤).
(١) في ب "ولا نبغي ثواباً ولا عقاباً".
(٢) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (١٩/ ٢٠٠) عن ابن زيد بنحوه، وانظر: تفسير ابن كثير (٣/ ٥٣٠).
(٣) أخرجه ابن جرير في جامع البيان (١٩/ ١٩٧)، وبه قال مجاهد، وسعيد بن جبير، والضحاك، والحسن.
انظر: النكت والعيون (٤/ ٤٢٨)، تفسير ابن كثير (٣/ ٥٣٠).
(٤) أخرجه عبد الرزاق في تفسير القرآن (٢/ ١٢٥) عن زيد بن أسلم.
وكلها أقوال متفقة في أن المراد الأمر والنهي، وأن من أطاع أثيب ومن عصى عوقب.