للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: الأمانة: العقل عرض عليهن أن يجعلهن عقلاء (١) بشرط أن من عمل بمقتضى عقله أثيب ومن عمل بخلافه عُوقب (٢).

وقيل: الأمانة التقوى والقول السديد لأن نسق الآية يقتضي ذلك (٣).

ويحتمل أن الأمانة التكليف ولا يمتنع أن يكون للجماد معرفة بربها، وإن كنا لا نعرف كيفية ذلك ولا ينكر العقل ذلك من قدرة الله وليس إذا تعود الإنسان وقوع شيء (٤) على وجه ينكر وقوعه على غير ذلك الوجه في مقدور الله، ويجوز أن يكون الله تعالى صيرها عاقلةً في وقت وأعلمها حال الأمانة وما فيها وعليها وخَيَّرَها فاستعفت فأعادها الله جمادات كما هي الآن.

والثاني: إنا عرضنا الأمانة الفرائض على أهل السموات وأهل الأرض وأهل الجبال وهم الملائكة الذين فيها، فيكون كقوله {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢] أي: أهل القرية (٥).

والثالث: أن هذا من مجاز كلام العرب وتوسعهم في الأخبار عن الجمادات بأنها سُئِلت فأجابت، وأنها قالت ونطقت وليس هناك سؤال ولا جواب ولا قول ولا نطق، ومثل هذا في الشعر كثير، وكذلك قوله تعالى {تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ} الآية [مريم: ٩٠].

والرابع: أن التقدير: أنا لو عرضنا كما قال {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ} الآية [الحشر: ٢١].


(١) في ب "عرض عليهن بأن يجعلنهن عقلاء".
(٢) انظر: معاني القرآن للنحاس (٥/ ٣٨٦)، معالم التنزيل (٦/ ٣٨٠).
(٣) لم أقف عليه، والله أعلم.
(٤) في أ "وليس إذا تعوذ الإنسان وقوع شيء"، وهو تصحيف.
(٥) قاله الحسن.
انظر: النكت والعيون (٤/ ٤٣٠).

<<  <   >  >>