للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: فلما خر علمت الجن (١) أن لو كانوا فيكون {أَنْ لَوْ كَانُوا} في محل نصب، وذلك أن الجن كانوا يزعمون أن عندهم شيئاً من علم الغيب فعلموا يومئذ أن الأمر بخلاف ذلك. وقيل: كانوا يُظهرون للناس تمويهاً أنهم يعلمون الغيب فلما بقوا في العذاب حولاً بعد موته علموا أن ذلك قد ظهر للناس.

قرأ ابن عباس رضي الله عنهما (تَبَيَّنَتِ الإنس أن لو كانوا)، وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه (تَبَيَّنَتِ الإنس أن الجن لو كانوا) (٢)، وقرأ يعقوب (٣) (تُبُيِّنَتِ الجن) على ما لم يسم فاعله (٤) وهو غير قراءة ابن عباس وابن مسعود (٥) رضي الله عنهما فإن {أَنْ لَوْ كَانُوا} فيهما مفعول. قال القفال حاكياً: "قد دلت هذه الآية على أن الجن لم يُسخروا إلا لسليمان عليه السلام وأنهم بعد موته تخلصوا من تلك الأعمال (٦) الشاقة، وإنما تهيأت لهم ذلك لأن الله زاد في أجسامهم وقواهم وغَيَّرَ خلقهم عن خلق الجن الذين لا يُرَون وكانوا بمنزلة الأسرى في يديه، ثم مات هؤلاء بعد سليمان عليه السلام فجعل الله خلق الجن على ما كانوا عليه قبل ذلك من الدقة والضعف والخفاء فصاروا لا يُرون ولا يقدرون على شيء من هذه الأعمال ولا على نقل الأجسام الثقال لأن ذلك كان معجزة لسليمان عليه السلام والله أعلم" (٧).


(١) من "فيكون أن مع ما بعده" إلى "علمت الجن" سقط من أ.
(٢) القراءتان شاذتان.
انظر: المحتسب لابن جني (٢/ ٢٣٢)، إعراب القرآن للنحاس (٣/ ٣٣٨)، قال "وهي على سبيل التفسير"، وانظر: شواذ القراءات للكرماني (٣٨٩)، البحر المحيط (٧/ ٢٥٧).
(٣) يعقوب الحضرمي، تنظر ترجمته ص: ١١٢٢
(٤) انظر: النشر (٢/ ٣٥٠).
(٥) في ب: "عِبْرَة قراءة ابن عباس وابن مسعود".
(٦) في أ: "تخلصوا عن تلك الأعمال ".
(٧) لم أقف عليه، والله أعلم.

<<  <   >  >>