للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ} نمنعها عن الكلام (١)، وذلك إذا كذبوا الرسل وقالوا

{وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: ٢٣].

{وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٦٥)} روي عن النبي صلى الله عليه وسلم (٢) أنه قال: " يجئ ناسٌ يوم القيامة مُفَدَّمَةً أفواههم، وإن أول ما يتكلم عنه لَفَخِذُه ويَدُه" (٣).

فيه أربعة أقوال:

أحدها: أن الله يمكنها من الكلام ويجعل لها خِلْقَة تصلح للنطق (٤).

وقيل: المتكلم هو الله سبحانه إلا أنه يسمع من جهتها فنسب إليها (٥).

وقيل: كلامها دلالتها على أفعالها (٦)، ومثله قول الشاعر:


(١) في ب: "نمنعها من الكلام".
(٢) في ب: "عن النبي صلى الله عليه وسلم" بغير "روي".
(٣) أخرجه عبد الرزاق الصنعاني في تفسيره (٢/ ١٨٥)، وابن جرير في جامع البيان (٢٠/ ٤٠٨) عن حكيم بن معاوية عن أبيه عن جده.
والفِدَام: خرقة توضع على فم الإبريق والكوز لتصفية الشراب الذي فيه، والفدم من الناس العييِّ عن الحجة والكلام.
انظر: لسان العرب (١٠/ ٢٠٤)، مادة: فَدَمَ.
(٤) حكاه الماوردي في النكت والعيون (٥/ ٢٨).
(٥) وهذا القول موافق لمذهب المعتزلة في نفي صفة الكلام عن الله، وأنه لايتكلم بصوت يسمع، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
(٦) والصواب أن جوارحه تنطق على الحقيقة، يدل عليه ما أخرجه مسلم (ك: الزهد والرقائق، باب: الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، ح: ٢٩٦٨) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه " ... قال: ثم يقال له: الآن نبعث شاهداً عليك، ويتفكر في نفسه من ذا الذي يشهد عليّ؟ فيختم على فِيه، ويقال لفخذه وعظامه انطقي، فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعَمَله، وذلك ليعذر من نفسه".

<<  <   >  >>