للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُضَرَ (١)، واجعلها سنين كسني يوسف - عليه السلام -، فقحطوا سبع سنين حتى أكلوا العِلْهِز (٢) (٣) والجيف" (٤)، فيكون الناس في قوله: {يَغْشَى النَّاسَ} العرب.

وقيل: الدُّخَان عبارة عن الجدب ويبوسة الأرض؛ فإنه يثور منه في الأرض وفي آفاق السماء كالدخان من الغبار المنكدر الذي يشوبه الظلمة، والعرب تقول: جوع أغبر، وسنة غبراء، وسمّي عام الرَّمادة في زمن عمر - رضي الله عنه - لهذا.

وقيل: الدُّخان عبارة عمَّا علاهم يوم فتح مكة، والعرب تضع (٥) الدُّخَان موضع الشَّرِّ، فعلى هذه الأقوال قد مضى الدُّخَان.

وقيل: هو دخان يجيء قبل قيام الساعة، وأنَّ الدنيا تصير كبيت لا خصاصَ له مملوء دخاناً يدخل في أنوف الكفار وآذانهم فيصيرون كالسُّكارى، ويصيب (٦) المؤمن منه كالزُّكام فيبقى ذلك أربعين يوماً (٧) (٨).


(١) مُضَر: - بضم الميم، وفتح الضاد المعجمة، وفي آخرها الراء - وهي القبيلة المعروفة التي ينسب إليها قريش، وهو مضر بن نزار بن معد بن عدنان، أخو ربيعة بن نزار، وهما القبيلتان العظيمتان [انظر: الأنساب؛ للسمعاني (٥/ ٣١٨)].
(٢) في (ب) " والد ".
(٣) العِلْهِز: " هو شيء يَتَّخِذونه في سِنِي المجَاعَة يَخْلِطون الدَّمَ بأوْبَارِ الإبِل، ثم يَشْوُونه بالنَّار ويأكلونه ".
[النهاية (٣/ ٢٩٣)، مادة " عَلْهَزَ "].
(٤) أخرجه البخاري (بنحوه) في كتاب الدعوات، باب: الدعاء على المشركين، برقم (٥٩١٤)، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، وأخرجه مسلم (بنحوه) في كتاب المساجد، باب: استحباب القنوت في جميع الصلاة إذا نزلت بالمسلمين نازلة، برقم (١٥٣٨) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٥) في (أ) " يضع ".
(٦) في (ب) " ونصيب ".
(٧) انظر: جامع البيان (٢٥/ ١١١)، تفسير السمرقندي (٣/ ٢٥٥)، النكت والعيون (٥/ ٢٤٦)، تفسير السمعاني (٥/ ١٢٣) غرائب التفسير (٢/ ١٠٧٤)، زاد المسير (٧/ ١٥٠)، التسهيل (٤/ ٣٥)، تفسير القرآن العظيم (٤/ ١٤٩)، روح المعاني (٢٥/ ١١٧)، تيسير الكريم الرحمن (ص: ٧٧٢).
(٨) وهذا القول الأخير هو الظاهر - والله أعلم - وأنه من أشراط السَّاعة، وقد اختار هذا القول ابن كثير في تفسيره معتمداً على:
- الأحاديث الواردة المرفوعة من الصحاح والحسان وغيرهما التي أوردها الصحابة مما فيه مقنع ودلالة ظاهرة على أن الدخان من الآيات المنتظرة.
- أنه ظاهر القرآن لقول الله تبارك وتعالى: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠)} أي: بيِّنٌ واضحٌ يراه كُلُّ أحدٍ، وعلى ما فسر به ابن مسعود - رضي الله عنه - إنما هو خيال رأوه في أعينهم من شدة الجوع والجهد.
- قوله تعالى: {يَغْشَى النَّاسَ} أي: يتغشاهم ويعميهم ولو كان أمراً خيالياً يخص أهل مكة المشركين لما قيل فيه: {يَغْشَى النَّاسَ} " [انظر: تفسير القرآن العظيم (٤/ ١٥٠)]
وقال السعدي: " واختلف المفسرون في المراد بهذا الدخان، فقيل: إنه الدخان الذي يغشى الناس ويعمُّهم حين تقرب النار من المجرمين في يوم القيامة، وأمر نبيه أن ينتظر بهم ذلك اليوم، ويؤيد هذا المعنى: أنَّ هذه الطريقة هي طريقة القرآن في توعد الكفار، والتأني بهم وترهيبهم بذلك اليوم وعذابه وتسلية الرسول والمؤمنين بالانتظار بمن آذاهم، ويؤيده أيضاً أنَّه قال في هذه الآية: {أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ (١٣)}، وهذا يقال يوم القيامة للكفار حين يطلبون الرجوع إلى الدنيا، فيقال قد ذهب وقت الرجوع " [تيسير الكريم الرحمن (ص: ٧٧٢)، وانظر: اليوم الآخر - القيامة الصغرى؛ للأشقر (ص: ٢٢١)].

<<  <   >  >>