للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابنُ بحرٍ: " {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} معناه: أعلمناك فيما أنزلناه عليك من القرآن وأمَرْناك به من الدِّين أمراً مبيناً.

وقد يُعبَّر عن العلم بالفتح، كقوله: {* وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ} [الأنعام: (٥٩) أي: علم الغيب " (١).

ابنُ عيسى: "الفتحُ: الفرَج المزيلُ للهمّ (٢)، ومنه فتحُ المسألة إذا انفرجت عن بيانٍ يُؤدِّي إلى الثقة " (٣).

وقيل: الفتحُ القضاءُ والحُكمُ، والفتَّاح: القاضي، أي: حكمنا لك بهذه المهادنة.

وقيل: أرشدناك إلى الإسلام.

{لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ}: قيل: الفتح ليس بسبب للمغفرة (٤)، وإنما التقدير: إنا فتحنا لك فاستغفر ليغفرَ لك الله، ومثله: " إذا جاء نصر الله والفتح فسبح واستغفر " (٥) (٦).


(١) انظر: النكت والعيون (٥/ ٣٠٩)، غرائب التفسير (٢/ ١١١١).
(٢) في (ب) " المزيل الهم ".
(٣) لم أقف عليه.
(٤) في (ب) " بسبب للمغفرة ".
(٥) يعني بذلك التقدير للمعنى في قوله تعالى: " {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (٣)} [سورة النصر: (١ - ٣)].
(٦) وإلى هذا المعنى ذهب ابن جرير وقال: " اخترنا هذا القول في تأويل هذه الآية لدلالة قول الله عزَّ وجل {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (٣)} [سورة النصر: (١ - ٣)] على صحته إذ أمره تعالى ذِكْره أن يُسبح بحمد ربه إذا جاءه نصر الله وفتح مكة وأن يستغفره وأعلمه أنه توَّاب على من فعل ذلك ففي ذلك بيان واضح أنَّ قوله تعالى ذكره {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} إنَّما هو خبرٌ من الله جلَّ ثناؤه نبيه - صلى الله عليه وسلم - عن جزائه له على شكره له على النعمة التي أنعم بها عليه من إظهاره له ما فتح لأنَّ جزاء الله تعالى عباده على أعمالهم دون غيرها .. " [جامع البيان (٢٦/ ٦٧)].
وقد تعقَّبه ابن عطية بقوله: " قال القاضي أبو محمد، وهذا ضعيفٌ من وجهين:
أحدهما: أنَّ سورة {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (١)} [النصر: (١)] إنَّما نزلت من آخر مدة النبي - صلى الله عليه وسلم - ناعية له نفسه حسبما قال ابن عباس عندما سأل عمر عن ذلك.
والآخر: أنَّ تخصيص النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتشريف كان يذهب؛ لأنَّ كلَّ أحد من المؤمنين هو مخاطب بهذا الذي قال الطبري، أي: سَبِّح واستغفر لكي يغفر الله، ولا يتضمن هذا أنَّ الغفران قد وقع، وما قدَّمناه أولاً يقتضي وقوع الغفران للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ويدل على ذلك قول الصحابة له حين قام حتى تورَّمت قدماه أتفعل هذا يا رسول الله، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال: " أفلا أكون عبداً شكوراً " فهذا نصٌّ في أنَّ الغفران قد وقع " [المحرر الوجيز (٥/ ١٢٦)].

<<  <   >  >>