للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- صلى الله عليه وسلم - مكةَ سنتَه، بل يعودُ في القابل، ويُقيمُ بمكةَ ثلاثةَ أيامٍ، ثم ينصرفُ، فلمّا كتب عليٌّ بنُ أبي طالبٍ - رضي الله عنه -:

بسم الله الرحمن الرحيم، قال سُهَيلُ: ما نعرفُ الرحمنَ الرحيمَ، اكتبْ في قضيتنا: بسمك اللهمَّ، ولمّا كتب: محمد رسول الله، قال: لو علمنا أنك رسولُ الله ما قاتلناك، اكتب محمد بن عبد الله، فأجابه إلى الأمرين، وكتبه: هذا ما صالح محمد بن عبد الله قريشاً، صالحهم على أنه لا إغلالَ ولا إسْلال (١)، وعلى أن مَن قدم مكةَ من أصحاب محمدٍ حاجاً أو معتمراً أو يبتغي من فضل الله فهو آمنٌ على دمه وماله، ومَن قدِم المدينةَ من قريشٍ مجتازاً إلى مصرَ والشام يبتغي من فضل الله فهو على دمه وماله آمنٌ، وعلى أن مَن جاءَ محمداً من قريشٍ فهو إليهم ردٌّ، ومَن جاء من أصحاب محمدٍ فهو لهم، واشتدَّ ذلك على المسلمين، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: مَن جاءهم منا فأبعده الله، ومَن جاءنا منهم رددناه إليهم، فإنْ علم اللهُ منه الإسلامَ جعل له مخرجاً.

فلما فرغوا من الهُدنة نحر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وحلق، وفعلَ أصحابُه ذلك، فنزل عليه في طريقه في هذا الشأن: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}، يُريدُ ما كان من أمر الحديبية (٢).

والفتحُ قد يكونُ بالصلح.

وقيل: كان هذا الفتحُ عن ترامٍ بالحجارةِ، ولم يكنَ قتالاً شديداً.

والفتح: هو الظَّفَرُ بالمكان بصلحٍ أو حربٍ (٣)؛ لأن الموضعَ يكون مغلَقاً (٤)، فيُفتحُ، إمَّا بحربٍ أو هُدنةٍ وصلحٍ (٥).

وقيل: المرادُ به فتحُ مكةَ، وعده اللهُ ذلك.


(١) لا إغلال ولا إسلال: الإغْلال: الخِيانة أو السَّرِقة الخَفِيَّة، والإسْلال: مِن سَلَّ البَعيرَ وغيرَه في جَوْف الليل إذا انْتَزعته مِن بين الإبل وهي السَّلَّة، وقيل: هو الغَارة الظَّاهرة يقال: غَلَّ يَغُلُّ وسَلَّ يَسُلّ، ويكون أيضاً أن يُعين غيره عليهما، وقيل الإغْلال: لُبْس الدُّرُوع، والإسْلال: سَلُّ السُّيوف. [النِّهاية (٣/ ٣٨٠)، مادة " غَلَلَ "].
(٢) الخبر أصله في مسند الإمام أحمد (٤/ ٣٢٤)، وقد حسنه الشيخ شعيب الأرنؤوط، وانظر: تفسير مقاتل (٣/ ٢٤٥)، الطبقات الكبرى؛ لابن سعد (١/ ٢٩٧).
(٣) في (أ) " لحرب أو صلح ".
(٤) في (ب) " منغلقا ".
(٥) انظر: معاني القرآن؛ للفراء (٣/ ٦٤)، معاني القرآن؛ للزَّجَّاج (٥/ ١٦)، تفسير السمرقندي (٣/ ٢٩٣).

<<  <   >  >>