للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وذكر بعض المفسرين في هذه الآية: أن خبرَ الواحد العدل يجبُ العملُ به؛ لأنَّ الله تعالى أمر بالتثبُّت في خبر الفاسق، ولو تثبّتنا في خبر العدل لسويّنا بينهما.

وذهب بعضهم إلى أنَّ الوليدَ كان ثقةً عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصار فاسقاً بكذبه، فخبر الواحد متردِّدٌ حتَّى يُخبر آخرُ بمثله.

وقيل: إنَّ الوليدَ لم يقصد الكذبَ؛ لأنه ظنَّ لمّا اجتمعوا لإكرامه أنْ يكونوا همُّوا بقتله (١).

{وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ}: أي: فلا تقولوا الباطلَ فإنَّ الله يخبره.

وقيل: معناه: وفيكم رسول الله والرأي معه.

{لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ}: لنالكم المكروهُ، أي: لو عمل برأيكم لكان يُخطئُ في أفعاله، كما لو قبل (٢) من الوليد فَقَتَلَ وقَتَلْتُم، وأخذ المال وأخذتم.

{لَعَنِتُّمْ}: لأثمتم.

وقيل: معناه: لو فعل جميعَ ما تختارون (٣) وتريدون لنَالَكم ضررٌ.

وقيل: لغويتم. وقيل: لهلكتم. وقيل: لنالكم شدة.

وقوله: {لَوْ يُطِيعُكُمْ}: جاء على الأصل؛ لأنَّ الطاعةَ موافقةُ الدَّاعي، غير أنَّ المستعملَ في حق الأكبر الإجابةُ، وفي حق الأدون الطاعةُ.

{وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ} قيل (٤): بنصب الأدلة.

وقيل: حسّنه وزيَّنه بتوفيقه له.

وقيل: بما وعد عليه من النصر والفتح في الدنيا، والجنة والنعيم في الأخرى.

والمعنى: لكنَّ اللهَ حببَ إليكم الإيمانَ فأطعتموه فوقاكم الله العنَتَ.

{وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ}: أي: قبّحه.

وقيل: بما أوعد عليه العذابَ في الدنيا والآخرة.

{وَالْفُسُوقَ}: وهو (٥) الكذب والخروج من أمر الله وارتكاب الكبائر.

وقيل: الفسوق الكبائر {وَالْعِصْيَانَ}: الصغائر.

{أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧)}: الذين قد أصابوا طريقَ الحق ولم يَضِلوا عن الهدى.

{فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً}: مفعول له، أي: حبَّبَ وكرَّه للفضل والنعمة.

وقيل: نصب على المصدر.

{وَاللَّهُ عَلِيمٌ}: بخلقه {حَكِيمٌ (٨)}: في تدبيره.

{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا}: في الصحيحين عن أنس - رضي الله عنه - أنه قال: قيل: لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا نبَّي الله لو أتيتَ عبدَ الله بنَ أُبيّ فانطلق إليه (٦) رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - على حمار، وانطلق المسلمون يمشون، وهي أرض سبِخةٌ، فلما أتاه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - راث حمارُه، فقال عبد الله (٧): إليك عنّي، فوالله لقد آذاني نتنُ روثِ (٨) حمارِك، فقال رجلٌ من الأنصار: والله لروثُ حمار (٩) رسول الله أطيبُ ريحاً منك فغضب لعبد الله رجلٌ من قومه، وغضب لكلّ واحدٍ منهما


(١) انظر: أحكام القرآن؛ للجصَّاص (٣/ ٥٢٩)، غرائب التفسير (٢/ ١١٢٢)، المحرر الوجيز (٥/ ١٤٧)، تفسير القرآن العظيم (٤/ ٢٢٣).
(٢) في (ب) " كما لو قيل ".
(٣) في (ب) " يختارون ".
(٤) " قيل " ساقطة (أ).
(٥) " وهو " ساقطة (أ).
(٦) في (ب) " فانطلق به ".
(٧) " عبد الله " ساقطة (ب).
(٨) " روث " ساقطة (أ).
(٩) في (أ) " والله لحمار ".

<<  <   >  >>