للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وما ذكره الماورديّ أنه رجومٌ للشياطين، وأنَّه على هذا التأويل خبر وليس بقسم (١)، فسهوٌ منه.

وجاء في الأخبار: أنَّه لمَّا نزل: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى}، قال عتبةُ بنُ أبي لهب (٢): كفرتُ بربّ النجم، وطلّق ابنةَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدعا رسولُ - صلى الله عليه وسلم - فقال: اللهمّ سلِّط عليه كلباً من كلابك، فخرج في تجارةٍ إلى الشام، فقال: أبو لهبٍ احفظوه، فإني أخاف عليه دعوةَ محمدٍ، فنزلوا منزلاً، فأشرف عليهم راهبٌ من دَيرٍ (٣)، وقال: هذه أرضٌ مسبِعةٌ (٤)، فقال: أبو لهبٍ لأصحابه: أعينونا هذه الليلة، فجمعوا أحمالَهم وفرشوا لعُتبةَ في أعلاها، وناموا حولَه، فجاء أسدٌ، فضرب الله على أصمختهم، ثمَّ ثنى ذنبَه فوثب وضرب عتبةَ بيده ضربة كسرت صُلْبَه ولم يأكل منه " (٥).


(١) انظر: النكت والعيون (٥/ ٣٩٠).
(٢) عتبة بن أبي لهب [عبد العزى] بن عبد المطلب القرشي الهاشمي، وهو ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأمه أم جميل بنت حرب بن أمية، أخت أبي سفيان، وهي حمالة الحطب، تزوج رقية بنت النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلما أنزلت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١)} ... [المسد (١ - ٥)] قال أبوه: رأسي من رأسك حرام، إن لم تطلق بنته، ففارقها قبل الدخول، ثم تزوجها عثمان، وقد أسلم هو وأخوه معتب يوم الفتح، وكان قد هربا من النبي - صلى الله عليه وسلم -، فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - العباس بن عبد المطلب عمهما إليهما، فأتى بهما، فأسلما، فسرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإسلامهما، وشهدا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حنيناً، وكانا ممن ثبت ولم ينهزم، وشهدا الطائف ولم يخرجا عن مكة، ولم يأتيا المدينة. [انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ: الطبقات؛ لابن سعد ... (٤/ ٣٤٨)، الاستيعاب (٣/ ١٤٩)، سير أعلام النبلاء (٢/ ٢٥٠)].
قلت: والظاهر: أن المقصود هو أخوه عتيبة، وقد صحِّف إلى عتبة، وإن كان قد ورد ذكر عتبة في السير وعند المفسرين، وقد ذكر ذلك أبو هلال العسكري في تصحيفات المحدِّثين (ص: ٧٠٥)، وانظر: معجم ما استعجم (٢/ ٦٩٦)، تاريخ دمشق (١٧/ ١٦١).
(٣) الدَّيْرُ: البيعة ومكان العبادة للنصارى [انظر: لسان العرب (٤/ ٣٠٠)، مادة " دَيَرَ "].
(٤) مَسْبَعة: أي: كثيرة السباع والذئاب، وهي جمع سبُع، وهو الحيوان المتوحش المفترس [انظر: كتاب العين (١/ ٣٤٤)، مادة " سبع "، لسان العرب (٨/ ١٤٦)].
(٥) أخرجه الحاكم في المستدرك، في كتاب التفسير - سورة أبي لهب (٢/ ٥٣٩) باسم لهب بن أبي لهب، وقال: " صحيح الإسناد، ولم يخرجاه "، ووافقه الذهبي، وحسنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري: (٤/ ٥١٢) باسم عتبة بن أبي لهب، وعزاه للحاكم، وأخرجه ابن جرير عن قتادة في جامع البيان (٢٧/ ٤١)، وأورده القرطبي في الجامع لأحكام القرآن (١٧/ ٨٤)، قلت: والحديث فيه العباس بن الفضل الأنصاري الموصلي المقرئ، قال عنه يحيى بن معين: " ليس بثقة "، وقال البخاري: "منكر الحديث "، وقال الذهبي: " واهٍ ". توفي سنة ستٍّ وثمانين للهجرة. [انْظُرْ: الضعفاء للعُقيلي (٣/ ٣٦١)، الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة؛ للذهبي (١/ ٥٣٦)].

<<  <   >  >>