للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على أنْ ليس عدلاً من كُليب ... إذا ما ضِير جيرانُ المجيرِ

على أنْ ليس عدلاً من كُليبٍ ... إذا خرجت مخبّأتُ الخُدورِ (١)

ومثله:

كم نعمةٍ كانت لكم ... كمْ كمْ وكم (٢)

والثاني: أن كلَّ واحدٍ منها غيرُ الأول، فأعاد لتقرير النِّعمة بعد النِّعمة.

والثّالث: أن كلَّ واحدةٍ منها اقتضت من التقرير بها مثل ما اقتضته الأول، فلم يكن تكراراً (٣).

وجاء في الخبر: أن النّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قرأ سورةَ الرحمن، ثمّ قال: ((مالي أراكم سكوتاً؟ لَلجنُّ كانوا أحسنَ منكم ردّاً، ما قرأتُ عليهم هذه الآية من مرَّة: {فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}، إلا قالوا: ولا بشيءٍ من نعمة ربّنا نُكذّب، فلك الحمد)) (٤).

وما في السورة من ذكر الشّدائد والنَّار والعذاب فالنّعمة فيها من وجهين:

أحدهما: في صرفها من المؤمنين إلى الكفّار، وتلك نعمةٌ عظيمة، تقتضي شكراً عظيماً.

والثاني: أنَّ في التّخويف منها والتّنبيه عليها نعمة عظيمة؛ لأنَّ اجتهادَ الإنسان رهبة ممّا يؤمّله أكثرُ من اجتهاده رغبة فيما ينعّمه (٥).


(١) انظر: الأمالي؛ للقالي (١/ ٩٣)، النُّكت والعيون (٥/ ٤٢٧).
(٢) البيت لم أقف على قائله، وقد استشهد به للتأكيد، والعناية بتكثير العدد. [انظر: كتاب الصناعتين؛ لأبي هلال العسكري (ص: ٦٠)، تفسير الثعلبي (٩/ ١٨٠)].
(٣) انظر: النُّكت والعيون (٥/ ٤٢٧)، تفسير البغوي (٧/ ٤٤٣)، الجامع لأحكام القرآن (١٧/ ١٥٥)، التحرير والتنوير (٢٧/ ٢٤٦).
(٤) أخرجه الترمذي في سننه، كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة الرحمن، برقم (٣٢٩١)، وقال: " هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد"، وأخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب التفسير، تفسير سورة الرحمن، برقم (٣٧٦٦) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (٧/ ١١٧)، وقال: " رواه البزار عن شيخه عمرو بن مالك الراسبي، وثقه ابن حبان، وضعفه غيره، وبقية رجاله رجال الصحيح "، وقال المبارك فوري في تحفة الأحوذي (٩/ ١٢٧): " حديث جابر هذا رواه الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد وهو من أهل الشام، ففي الحديث ضعف، ولكن له شاهد من حديث ابن عمر أخرجه ابن جرير والبزار والدارقطني في الأفراد وغيرهم، وصحح السيوطي إسناده كما في فتح البيان ". وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي (٣/ ١١٢).
(٥) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١١٦٩).

<<  <   >  >>