للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: ذات بيانٍ مستقلّةٍ بأنفسهما في الدلالة على ما جُعلت علامةً له ودلالةً عليه، بخلاف قول من قال: إنّ معنى القرآن لا يتبيّن من لفظه.

{لِيُخْرِجَكُمْ}: أي: الله. وقيل: محمد - صلى الله عليه وسلم -. وقيل: القرآن أيها المخاطبون ومن بلغه القرآن أو يبلغه.

{مِنَ الظُّلُمَاتِ}: الكفر والضلال والباطل. وقيل: ظلمات الجهل.

{إِلَى النُّورِ}: نور الإيمان والهدى والحق. وقيل: نور العلم (١).

{وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (٩)}: الرَّافة أشدّ الرحمة، ووزنه (يقظ)، ومَن أشبع فوزنه: صبور، شكور.

{وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا}: أيُّ شيءٍ لكم في ترك الإنفاق فِي {سَبِيلِ اللَّهِ}. وقيل: أيُّ شيءٍ يمنعكم. فيكون {لَا} زيادة (٢).

{وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}: الواو للحال.

والمعنى: تصير الأمور إلى الله بانقراض من في السماوات والأرض (٣).

وقيل: مُلكُ السماوات والأرض (٤).

{لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً}: أي: لا يستويان في الثواب والمنزلة، فإنَّ السَّابقينَ أعظمُ درجةً وأعلى رتبةً؛ لأنَّه على حسب الأحوال يتفاضل الأعمالُ.

والفتح: فتح مكَّة (٥). وقيل: فتح الحديبية (٦).

{مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا}: بعد الفتح.

{وَكُلًّا}: السَّابق واللاحق.

{وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}: الجنة. وقيل: قَبول الحسنات (٧).

مَن نَصب {كُلًّا} جعله المفعولَ الأولَ لـ {وَعَدَ}، و {الْحُسْنَى} المفعول الثاني.

ومَن رفعه: فبالابتداء، وأضمر العائدَ، وهو المفعول، أي: كلٌّ وعده (٨).

{وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١٠)}: فيجازيكم بقدر أعمالكم.

في سبب النزول: أن هذه الآيةَ نزلت في أبي بكر - رضي الله عنه -، وفي هذه الآية دليلٌ واضحٌ وبرهانٌ لائحٌ على فضل أبي بكر - رضي الله عنه - وتقديمه؛ لأنَّه أوّل من أسلم (٩).

وعن أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - أنَّه قال: سبق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثنّى (١٠) أبو بكر وثلّث عمر - رضيَ الله عنهما-، فلا أُوتى برجلٍ فضّلني على أبي بكرٍ وعمرَ إلاّ جلدته جلدَ المفتري، وطرح الشهادة " (١١).

{مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا}: استعار لفظ القرض التزاماً للجزاء. والقرض: هو الإنفاق في سبيل الله.


(١) انظر: جامع البيان (٢٧/ ٢١٨)، تفسير البغوي (٨/ ٣٣)، الجامع لأحكام القرآن (١٧/ ٢٣٠).
(٢) انظر: جامع البيان (٢٧/ ٢١٩)، البحر المحيط (١٠/ ١٠٢).
(٣) انظر: تفسير مقاتل (٣/ ٣٢١)، جامع البيان (٢٧/ ٢١٩)، النُّكت والعيون (٥/ ٤٧١).
(٤) انظر: النُّكت والعيون (٥/ ٤٧١).
(٥) وهو قول ابن عباس، وبه قال جمهور المُفسرين. [انظر: تفسير الثعلبي (٩/ ٢٣٢)، النُّكت والعيون (٥/ ٤٧١)، تفسير البغوي (٨/ ٣٣)، زاد المسير (٧/ ٣٤٤)].
(٦) انظر: وهو قول الشعبي اختيار ابن جرير. [انظر: جامع البيان (٢٧/ ٢٢١)].
(٧) انظر: جامع البيان (٢٧/ ٢٢١)، النُّكت والعيون (٥/ ٤٧١).
(٨) قرأ السبعة {وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى} غير ابن عامر فإنه قرأ {وَكُلٌّ}. [انظر: السَّبعة (ص: ٦٢٥)، معاني القراءات (ص: ٤٨٠)، الحُجَّة (٦/ ٢٦٦)].
(٩) انظر: تفسير السَّمرقندي (٣/ ٣٨٢)، تفسير الثعلبي (٩/ ٢٣٢)، تفسير البغوي (٨/ ٣٣).
(١٠) في (ب) " وصلّى "، وهو واردٌ لغةً، والمصلّي، هو الخيل الذي يجيء ثانياً في السباق، قيل له مُصَلٍّ؛ لأَنه يكونُ عند صَلا الأَوّلِ وصَلاهُ جانِبا ذَنَبِه عن يمينهِ وشمالهِ ثم يَتْلُوه الثالثُ " [انظر: لسان العرب (١٤/ ٤٦٤) مادة " صلا "].
(١١) أخرجه الثعلبي في تفسيره (٩/ ٢٣٦).

<<  <   >  >>