(٢) وخلاصة ما في الآية ما اختاره ابن جرير - رحمه الله - بقوله: " وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: أمر الله - عزَّ وجلَّ - في هذه الآية المؤمنين أن يعطوا من فرَّت زوجته من المؤمنين إلى أهل الكفر إذا هم كانت لهم على أهل الكفر عقبى، إما بغنيمة يصيبونها منهم أو بلحاق نساء بعضهم بهم، مثل الذي أنفقوا على الفارة منهم إليهم، ولم يخصص إيتاءهم ذلك من مالٍ دون مالٍ، فعليهم أن يعطوهم ذلك من كل الأموال التي ذكرناها ". ... [جامع البيان (٢٨/ ٧٧)]. (٣) ما ذكره المؤلف - رحمه الله - من كونه قول الجمهور غير مسلَّمٌ له، فغالب المفسرين ذكروا أنَّه في فتح مكة، مع قوة القول الأول وصحة الأحاديث الواردة فيه ومستندهم في ذلك الأحاديث الصحيحة الواردة في هذا الخبر وممن اختار القول الأول ابن جرير في جامع البيان (٢٨/ ٦٨) وابن كثير في تفسير القرآن العظيم (٤/ ٣٧٦) ودليلهم ما جاء في البخاري في كتاب التفسير، باب: {إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ}، برقم (٤٨٩١)، عن عروةَ أنَّ عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية بقول الله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ} إلى قوله {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٢)} قال عروة: قالت عائشة: فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (قد بايعتك كلاماً)، ولا والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة ما يبايعهن إلا بقوله: (قد بايعتك على ذلك). وأخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب: كيفية بيعة النساء، برقم (٤٨١١) ". وذهب جمع من المفسرين إلى أن بيعة النسِّاء هذه، إنما كانت في فتح مكة ثاني أيام الفتح، وممن ذهب إلى ذلك: مقاتل في تفسيره (٣/ ٣٥٣)، وأبو الليث السمرقندي في تفسيره (٣/ ٤١٨) والثعلبي في تفسيره (٩/ ٢٩٧)، والماوردي في النكت والعيون (٥/ ٤٢٥)، والبغوي في تفسيره (٨/ ١٠٠). قلت: ولا يمنع أن تكون المبايعة قد شرعت قبل الفتح كما في حديث عائشة - رضي الله عنها - إذ مفهومه في المهاجرات، وأن تكون هناك مبايعة أخرى لمن لم تسلم وكانت في مكة، والله أعلم. (٤) القَعْبُ: القَدَح الضَّخْمُ الغلِيظُ الجافي، وقيل: قَدَح من خَشَب مُقَعَّر. [انظر: لسان العرب (١/ ٦٨٣)]. (٥) انظر: النُّكت والعيون (٥/ ٥٢٤)، تفسير السَّمعاني (٥/ ٤٢٢).