للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: هما فتنةٌ؛ لأنَّه يلهو (١) بهما عن آخرته ويتوفَّر لأجلهما على دنياه، فيمنع حقَّ الله لأجلهما (٢).

وأدخل {مِنْ} في الأولى، ولم يُدخل في الثانية (٣)؛ لأنَّ كلَّهم فتنة على ما ذكرنا فإن الإنسانَ يثقل عليه المواساةُ بالمال بعد وجود الزَّوجة والولد ويَخفّ عليه قبلَ ذلك " (٤).

ولهذا قال: {وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٥)}: أي: في الآخرة، وذلك أعظم من منفعتكم (٥) بأموالكم وأولادكم.

{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}: قيل: هي: ناسخة لقوله: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} [آل عمران: ١٠٢]؛ لأنَّ استطاعةَ العبد دونَ حقّ تقواه (٦).

وقيل: بل هي مُفسِّرة لها (٧)؛ لأنَّ {حَقَّ تُقَاتِهِ} هو قدرُ الاستطاعة (٨) (٩).

{وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا}: في الجهاد.

وقيل (١٠): هو الصدقة، وقيل: نفقة (١١) المؤمن على نفسه (١٢).

{خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ}: أي: قدّموا {خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ}.

وقيل: إنفاقاً {خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ}.

الكسائيّ: " يكن {خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ} " (١٣).

{وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ} بخلَها وحرصَها {فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٦)}

{إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا}: على نيّةٍ وإخلاصٍ.

{يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ}: يقبلُ القليلَ ويُعطي الجزيلَ.

{حَلِيمٌ (١٧)} عن البخيل (١٤) (١٥)

{عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨)}.


(١) " يلهو" ساقطة من (ب).
(٢) انظر: النُّكت والعيون (٦/ ٢٥)، الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ١٣٩).
(٣) " ولم يُخل في الثانية " ساقطة من (ب).
(٤) انظر: تفسير الثعلبي (٩/ ٣٣٠)، زاد المسير (٨/ ٦٧).
(٥) في (ب) " منفعتهم " بضمير الغيبة، والمناسب ما أثبت.
(٦) انظر: جامع البيان (٢٨/ ١٢٧)، النَّاسخ والمنسوخ؛ للنَّحَّاس (ص: ٧٤٦)، تفسير البغوي (٨/ ١٤٤).
(٧) في (ب) " بل هي تفسير لها ".
(٨) في (أ) " هو قدرة الاستطاعة ".
(٩) وهو اختيار ابن جرير والنَّحاس وابن عطية، قال ابن جرير: " وليس في قوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} دلالة واضحة على أنه لقوله: {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} ناسخ؛ إذ كان محتملاً قوله {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} فيما استطعتم، ولم يكن بأنه له ناسخ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا كان ذلك كذلك فالواجب استعمالهما جميعاً على ما يحتملان من وجوه الصحة " [جامع البيان (٢٨/ ١٢٧)، وانظر: إعراب القرآن؛ للنَّحَّاس (٤/ ٢٩٤)، المحرر الوجيز؛ لابن عطية (٥/ ٣٢١)].
(١٠) " وقيل " ساقطة من (ب).
(١١) في (ب) " نفقه " بالهاء.
(١٢) انظر: النُّكت والعيون (٦/ ٢٦)، زاد المسير (٨/ ٦٨).
(١٣) انظر: غرائب التفسير (٢/ ١٢١٩).
(١٤) في (أ) " عن البخل ".
(١٥) فلم يعاجله بالعقوبة لمنعه حقَّ الله أو معصيته له، ولا يقتصر حلمه عن البخيل فقط، بل هو كما قال ابن كثير: " {حَلِيمٌ} أي: يصفح ويغفر ويستر ويتجاوز عن الذُّنوب والزَّلات والخطايا والسيئات " [تفسير القرآن العظيم (٤/ ٤٠٢)].

<<  <   >  >>