للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: معناه خلقكم للموت والحياة.

وقيل: خلق الموت على صورة كبشٍ أملحَ، لا يمرّ بشيء ولا يجد ريحه شيء ولا يطأ على كلّ شيء إلاّ مات.

وعن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يؤتي بالموت يوم القيامة على صورة كبشٍ أملحَ فيذبح بين الجنَّة

والنار)) (١).

وخلق الحياة على صورة فرس أنثى لا تمرّ بشيءٍ ولا بجد ريحَها شيءٌ ولا تطأ على شيءٍ إلَاّ حيي (٢).

ويحتمل - والله أعلم - خلق الموت والحياة (٣).

وقيل: الدنيا والآخرة.

وقيل: خلق الحياةَ نعمةً ليشكروا، وخلق الموتَ ليصبروا إذا مات (٤) أحياؤهم (٥).

وبدأ بالموت لكون التراب والنطفة بالوصف الأوَّل، أي: موتاً ثم حياة ثم موتاً ثم حياة لا موتَ بعدها (٦).

{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}: طاعةً له، وجاء مرفوعاً: ((أحسن عقلاً)) (٧).

وقيل: {أَحْسَنُ عَمَلًا}: أتركُ للمعاصي، وقيل: أخلصه، وقيل: أصبر على المصائب في الطاعات (٨).

و {أَيُّكُمْ} رفع بالابتداء، والفعل قبله مقدر (٩)، والتقدير: ليبلوكم فيعلم (١٠):

أيكم أحسن عملاً، كقوله (١١): {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى} [الكهف: (١٢)].

وقيل: ليبلوكم فينظر أيُّكم، كقوله: {سَلْهُمْ أَيُّهُمْ} [القلم: (٤٠)

أي (١٢): فانظر أيّهم.

وقيل: {لِيَبْلُوَكُمْ} فيقول أَيُّكُمْ {أَحْسَنُ عَمَلًا}.

والقول هو الأوَّل (١٣).

{وَهُوَ الْعَزِيزُ}: لمن أساء عملُه.

{الْغَفُورُ (٢)}: لمن تاب.

{الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا} بعضُها فوقَ بعضٍ، جمع طَبَقٍ كجبل وجبال.


(١) أخرجه البخاري (بنحوه) في كتاب التفسير تفسير سورة " كهيعص "، باب قوله: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ}، برقم (٤٧٣٠)، ومسلم في كتاب الجنة ونعيمها، باب: النار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء، برقم (٧١١٠) كلاهما عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه-. ...
قال ابن عطية - رحمه الله -: " والموت والحياة معنيان يتعاقبان جسم الحيوان يرتفع أحدهما بحلول الآخر وما في الحديث من قوله - صلى الله عليه وسلم - " يؤتى بالموت يوم القيامة في صورة كبش أملح فيذبح على الصراط " فقال أهل العلم ذلك تمثال كبش يُوْقِعُ الله عليه العلم الضروري لأهل الدارين إنه الموت الذي ذاقوه في الدنيا، ويكون ذلك التمثال حاملاً للموت على أنه يحل الموت فيه فتذهب عنه حياة، ثم يقرن الله تعالى بذبح ذلك التمثال إعدام الموت " [المحرر الوجيز (٥/ ٣٣٧)].
(٢) قال الألوسي: " وأما ما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - من أنه تعالى خلق الموت في صورة كبش أملح لا يمر بشيء إلا مات، وخلق الحياة في صورة فرس بلقاء لا تمر بشيء ولا يجد رائحتها شيء إلا حيي فهو أشبه بكلام الصوفية لا يعقل ظاهره، وقيل هو وارد على منهاج التمثيل والتصوير " [روح المعاني (٢٩/ ٤)].
(٣) في (أ) " الموات والحيوان ".
(٤) في (أ) " ليصبروا وإذا مات " وهي تصحيف.
(٥) انظر: تفسير السَّمرقندي (٣/ ٤٥١)، تفسير السَّمعاني (٦/ ٦).
(٦) انظر: تفسير البغوي (٨/ ١٧٣)، الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ١٩٧).
(٧) الحديث أخرجه ابن جرير في جامع البيان (١٢/ ٥) عن عبد الله بن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه تلا هذه الآية: (({لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} قال: " أيكم أحسن عقلا وأورع عن محارم الله وأسرع في طاعة الله))، وأخرجه الثعلبي في تفسيره (٩/ ٣٥٥)، وأورده البغوي في تفسيره (٨/ ١٧٦).
(٨) " في الطاعات " ساقطة من (أ).
(٩) في (ب) " معلَّق ".
(١٠) في (أ) " ليبلوكم فيقول ".
(١١) في (ب) " لقوله ".
(١٢) " أي " ساقطة من (أ).
(١٣) انظر: معاني القرآن؛ للفرَّاء (٣/ ١٦٩)، إعراب القرآن؛ للنَّحاس (٤/ ٣٠٧)، الجامع لأحكام القرآن (١٨/ ١٩٩).

<<  <   >  >>